يضرنا طالح أعمالكم ، وكما لا تنفعكم أو تضركم أعمالنا ، فليست هذه الدعوة الموحدة لنا تجارة أو لكم خسارة ، وإنما (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) : (وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٢٨ : ٥٥).
إنها ليست دعوة استثمارية لصالح هذه الشرعة الأخيرة أو رسولها والمتشرعين لها ، وإنما هي بسط الرحمة الإلهية و (ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) (٣٦ : ١١٣) ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (٦ : ٥٢).
٨ ـ (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) وترى وما هي الحجة المنفية في هذا البين؟ وهذه كلها حجج إلهية على هؤلاء الانعزاليين!
أقول : إنها قد تعني بعد هذه الحجج الموحّدة للدين ، التي سلفت ، حيث أزالت البينونات ، فلم تبق حجة لازمة لإزالة البين إلّا بيّنت ف (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) .. أم وتعني حجة ـ بعد ذلك ـ تبيّن وتفرق .. فبأية حجة نتفرق أيادي سبا إلى مسلمين وهود ونصارى ، فقد استجيبت الحجة الموحدة لمن استسلم لله وأسلم وجهه لله ، فلم تبق ـ إذا ـ حجة إلّا داحضة : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ ..) ف (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) تنفي الحجة الحقة ، سواء المثبتة لهذه الوحدة وقد تمت ، أو المفرقة فليست اللهم إلّا داحضة! أم ولا حجة بيننا وبينكم تثبت رجاحة شرعة على شرعة حيث الكل شرائع الله من دين واحد لله ، أم ولا خصوم بيننا وبينكم ، ولماذا نتخاصم والوحدة لائحة ، اللهم إلّا أن يخاصم داعي الوحدة الدينية دعاة التفرقة.
٩ ـ (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) وبينكم إله واحد يجمعنا بجمع واحد في صعيد واحد بحساب واحد ، (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ