مصلحة لهم إذ لا تنازع هناك ولا طغوى وبغي حيث يخرج أضغانهم فهم صالحون.
ونزارة الحياة الدنيا بجنب تلك الغزارة لحد لا تحسب بشيء ، هذه النزارة مهندسة مقدرة لهم بقدر ، فإن الخبير البصير يعلم أن عباده كهؤلاء البشر لا يطيقون الرزق إلّا بقدر ، فهم صغار لا يملكون التوازن حيث هم في بلاء الأرض ، فسيبقى فيضه المبسوط بغير حساب لمن ينجحون في محنة الدنيا وابتلائها ، وقد يبسط هناك لمن لا ينجحون ويبغون بسنن أخرى حاكمة على هذه السنة ، كسنة تعجيل العاجلة لمن كان يريدها دون الآجلة توفية الجزاء فيها : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١ : ١٨).
وسنة الاستدراج والإملاء : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٧ : ١٨٢).
فسنة الإصلاح ككلّ بتقدير الأرزاق ، سنة ابتدائية عامة تتبنى صالح المجموعة ، وسنة الاستدراج وتوفية الجزاء ، سنة هامشية خاصة لمن يستحقونها.
ففي حديث قدسي : «إن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم ولو صححته لأفسده وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده وذلك اني أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٧٩ ـ عن مجمع البيان روى انس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبرئيل عن الله :.