حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) (٦٩ : ١١) ومنها الكواكب الجارية في الفضاء أم ماذا : (فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٥١ : ٣) ومنها الطائرات الجارية في خضمّ البحر السماوي ومنها ما لا نعلمها ..
(وَمِنْ آياتِهِ) هنا (الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ) الماء ـ لا الفضاء (كَالْأَعْلامِ) فإنّ سكن الريح إنما يركد جواري البحر دون الفضاء ، فإنه يساعد على جريها كما يراد دون التطام بصدامها.
إن لجريان الريح دخلا حيويا في جريان الجوار في البحر ، إن يشأ الله يسكن الريح فيظللن الجواري على ظهر البحر رواكد لا تجري ، فما ذا يصنع الإنسان الضعيف الضعيف إذا على ظهر البحر؟ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) آية القدرة الإلهية في الريح وحراكه برحمته ، وسكونه بنقمته ، فليصبر الساكن نظرة الرحمة ، وليشكر الجاري لواقع الرحمة.
وترى أن القرآن يواجه فقط المكلفين زمن الجواري التي تجري بالريح ، حتى ينذر بسكونه ركودها على ظهر البحر؟ .. كلّا! وإنما يأتي بعامل حراكها الطبيعي الذي لا صنع للإنسان فيه ، وقد يأتي بما يشمله وسواه مما كان أو هو كائن أم سوف يكون : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (١٦ : ٨) فالفلك تجري بأمر الله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) (١٤ : ٣٢) (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) (١٧ : ٦٦) وبنعمته (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٣١ : ٣١).
فليست الريح ـ فقط ـ من نعمة الله ، بل الكون كله من نعمة الله ، فلجري الجواري في البحر نعم سابقة وعلى مر الزمن : (الريح) ونعم سابغة بعدها من بترول ام ماذا ، وقد تشمله الآيات لكل صبار شكور ، حيث التصبر في محاولة دائبة لاستكشاف نعم الهية ينتج طاقات أخرى