نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها ..) (١٤ : ٣٤).
وترى البركات والأقوات السواء للسائلين هل هي قدر السؤال وحسبها؟ إنها قدر الحاجيات والمصلحيات دون إفراط فيها ولا تفريط ، فالنبات يأخذ من الماء والهواء ومن القرّ والحرّ قدر الحاجة ، والحيوان آخذ منها كما يحتاجه ، وعلى الإنسان أن يعدل فيما يأخذ دون أثرة ولا كبرياء ، اقتطاعا لأكثر مما يحتاجه مهما كان من سعيه ، فوا ويلاه إذا كان من مساعي الآخرين!.
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ..).
ذلك استواءه الاستيلاء لخلق الدخان سبعا كما خلق الأرض في يومين (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢ : ٢٩).
هنا وهناك «استوى إلى» وبعد خلق السماوات الأرض «استوى على» والفارق بينهما أن الأولى استواء لخلقهما ، والثانية استواء لتدبير أمرهما : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٧ : ٥٤).
استوى إلى السماء لخلق لها ثان وهي دخان ، حالة ثانية للمادة الأم ، فنصيب السماء دخان ثائر ، ونصيب الأرض زبد مائر ، وليدان اثنان إثر التفجرة فوق الذرية للوالدة الكبرى «الماء».
ترى ما هي «الدخان» ولم يأت ذكرها إلّا هنا وفي «الدخان» : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) (١٠ ـ ١٢).
ليس الدخان ـ فقط ـ الصاعد عن محترق الحطب وأضرابه ، بل هو