(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٧ : ٥٣) والنزغ هو الدخول في أمر لإفساده ، فإذا قلت التي هي أحسن دفعا للسيئة بالحسنى لم يكن هناك مدخل لشيطان ليجعل السوء سوائى أم يبقي على سوء ، (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) حين يفلت منك فالت ، وهكذا يكون دور الشيطان أن يدخل في الأمور لإفسادها ، فهنالك (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من نزغه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) استعاذتك وندائك (الْعَلِيمُ) حاجتك واستدعاءك.
الغضب قد ينزغ فلا يتصبّر صاحبه على إساءة ، أماذا من نزغات في مختلف الحالات مهما كنت صبورا حليما إلّا من عصمه الله ، فإذا نزغك نزغ (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وصيغة الاستعاذة هنا «أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم».
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣٧).
(لا تَسْجُدُوا ..) نهي مؤكد انحصارا للمسجود له في الله وانحسارا عما سواه ، سواء أكان المسجود له هو الشمس والقمر كما هنا ، والخطاب موجه الى الساجدين لهما ، ام سواهما من أصنام وطواغيت أم أولياء وملائكة كرام ، ولأن السجود لغير الله تسوية له بالله وهو ضلال مبين ، و (الَّذِي خَلَقَهُنَّ) إشارة إلى سبب المنع وسعة الممنوع بدليل الجمع «خلقهن» الشمس والقمر وسواهما من خليقته.
ثم و (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) تعليق على عبادتهن ، فالعابد لله ليس ليعبد خلق الله ، ولا سيما (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ ..) ترمي إلى التوحيد ، والسجود لغير الله ينافي التوحيد.
وكضابطة توحيدية كلّ تسوية لغير الله بالله إشراك بالله ، في معرفة