أمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلُماتُ والنّور) (الرعد/١٦).
والتاسع : أنه يراد بالاستفهام بها النفي؛ ولذلك دخلت على الخبر بعدها «إلا» في نحو قوله تعالى : (هَلْ جَزاء الإحسانِ الاّ الإحسان) (الرّحمن /٦٠).
فإن قلت : قد مرّفي صدر الكتاب أن الهمزة تأتي لمثل ذلك ، مثل : (أفَأصْفاكُمْ رَبّكُمْ بِالْبَنينَ) (الإسراء/٤٠) ألا ترى أن الواقع أنه سبحانه لم يُصْفهم بذلك؟.
قلنا : إنما مرّ أنها للإنكار على مدّعي ذلك ، ويلزم من ذلك الانتفاء ، لا أنها للنفي ابتداء ، ولهذا لا يجوز «أقام إلا زيد؟» كما يجوز «هل قام إلا زيد؟» ، (هَل يَنْظُرُونَ إلا الساعَةَ) (الزّخرف /٦٦) وقد يكون الإنكار مقتضياً لوقوع الفعل ، على العكس من هذا ، وذلك إذا كان بمعنى : ما كان ينبغي لك أن تفعل ، نحو : «أتضرِبُ زيداً وهو أخوك؟».
ويتلخص أن الإنكار على ثلاثة أوجه : إنكارٌ على من ادعى وقوع الشيء ، ويلزم من هذا النفي ، وإنكارٌ على من أوقع الشيء ، ويختصان بالهمزة ، وإنكارٌ لوقوع الشيء ، وهذا هو معنى النفي ، وهو الذي تنفرد به «هل» عن الهمزة.
والعاشر : أنها تأتي بمعنى «قد» وذلك مع الفعل ، وبذلك فسّر قوله تعالى : (هَلْ أتى عَلَى الإنسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (الإنسان /١) جماعة منهم ابن عباس ، وبالغ الزمخشري فزعم أنها أبداً بمعنى «قد» وأن الاستفهام إنما هو مستفاد من همزة مقدرة معها ، ونقله في المفصل عن سيبويه ، فقال : وعند سيبويه أن «هل» بمعنى «قد» ، إلا أنهم تركوا الألف قبلها؛ لأنها لا تقع إلا في الاستفهام ، وقد جاء دخولها عليها في قول زيد الخيل :