ولمّا جنّ اللّيل أقبل الحسين إلى قبر جدّه ، وقال : السّلام عليك يا رسول الله ، أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك ، وسبطك الّذي خلفته في أمّتك ، فاشهد عليهم يا نبي الله أنّهم قد خذلوني وضيعوني ، ولم يحفظوني ، وهذه شكواي إليك حتّى ألقاك ، ثمّ قام فصفّ قدميه للصّلاة. فلمّا كانت اللّيلة الثّانية خرج إلى القبر أيضا ، وصلّى ركعات ، فلمّا فرغ من صلاته ، جعل يقول :
«أللهمّ هذا قبر نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآله ، وأنا ابن بنت نبّيك ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، أللهمّ إنّي أحبّ المعروف ، وأنكر المنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام ، بحقّ القبر ومن فيه إلّا اخترت لي ما هو لك رضى ، ولرسولك رضى ، ثمّ بكى حتّى إذا كان قريبا من الصّبح ، وضع رأسه على القبر فاغفى ، فإذا هو برسول الله قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وعن شماله وبين يديه ، فضمّ الحسين إلى صدره ، وقبّل بين عينيه ، وقال : حبيبي يا حسين كأنّي أراك عن قريب مرملا بدمائك ، مذبوحا بأرض كرب وبلاء ، من عصابة من أمّتي ، وأنت مع ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى ، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي ، لا
__________________
ـ الخواصّ لسبط ابن الجوزي : ٢٢٩ طبعة إيران ، الآداب السّلطانية للفخري : ٨٨ ، الكامل في التّأريخ لابن الأثير : ٤ / ٧٥ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٩ ، الفتوح : ٣ / ١٤ ، وكان يقال له ـ أي مروان ـ ولولده : بنو الزّرقاء ، يقول ذلك من يريد ذمّهم وعيبهم ، وهي الزّرقاء بنت موهب جدّة مروان بن الحكم لأبيه ، وكانت من ذوات الرّايات الّتي يستدلّ بها على بيوت البغاء ، فلهذا كانوا يذمّون بها. وقال البلاذري في أنساب الأشراف : ٥ / ١٢٦ اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا. انظر ، تذكرة الخواصّ : ٢٢٩ ، تأريخ ابن عساكر : ٧ / ٤٠٧ ، تأريخ الطّبري : ٨ / ١٦ ، تفسير من آية ١٣ سورة القلم في قوله (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) وانظر ، كنز العمّال للمتقي الهندي : ١ / ١٥٦ ، روح المعاني للآلوسي : ٢٩ / ٢٨ ، الإمامة والسّياسة : ١ / ٢٢٧ ، الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة لابن الصّباغ المالكي : ٢ / ١٠٦ ، بتحقيقنا.