بجميع صفاته ومزاياه ، وتجلّت هذه الحقيقة فيما قالته ، وهي ترثي والدتها. «يا أبتاه يا رسول الله! الآن حقّا فقدناك فقدا لا لقاء بعده» (١).
وقد انعكست صفات الزّهراء في نفس ابنتها زينب ، وظهرت جلية واضحة
__________________
ـ لا نورّث ما تركناه فهو صدقة.
وإذا هذه الأسانيد المختلفة ترجع إلى أصل واحد ، ولم يوجد أحد من أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله يشهد بمثل شهادة أبي بكر في الميراث!.
فدفع أبو بكر فاطمة عليهاالسلام عن ميراثها بهذا الخبر الّذي أسند إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. وهذا الخبر ينقض كتاب الله ، وحكمه في عباده!.
فويل لمن يهم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ينقض ما جاء به محكما عن الله عزوجل.
وقد كان في كلام فاطمة عليهاالسلام لأبي بكر بيان لمن خاف الله سبحانه وتعالى : أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ، لقد جئت شيئا فريّا!!؟؟ ثمّ انصرفت عنه.
ومن أعجب العجائب : أنّ جميع هذه الأمّة أجمعت : أنّ من ادّعى لنفسه ، أو دعوى له فيها حقّ أنّه «خصم» ، شهادته لا تقبل ، حتّى يشهد له على ذلك شاهدان عدلان لا دعوى لهما ما شهدا فيه.
وأجمعوا أيضا : أنّ الإمام لا يحكم لنفسه بحقّه دون أن يشهد له به غيره.
ثمّ النّاس على ذلك إلى يومنا هذا ، لا تقبل شهادة الرّجل لنفسه ، ولا يحكم لأحد على أحد في دعوى يدّعيها عليه إلّا بشاهدين عدلين غير فاطمة عليهاالسلام ، فإنّه حكم عليها خلاف ما حكم به على جميع الخلق ، وانتزع من يدها ما كانت تملكه ، وتحوزه ـ من ميراث أبيها صلىاللهعليهوآله ، ومالها من فدك المعروف بها ، ولها بلا شهود! إلّا بما ادّعى أبو بكر لنفسه ، وللمسلمين من الصّدقة عليهم بأموال رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فكان أبو بكر المدعي لنفسه ، ولأصحابه أموال رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فيا للعجب من قبضه ما ليس بيده ، ولا شهود له ، ولا بيّنة!؟ وطلبه الشّهود ، والبيّنة من فاطمة عليهاالسلام على ما هو بيدها ، ولها!
وقد أجمعت الأمّة على أنّ من كان في يده شيء ، فهو أحقّ به حتّى يستحقّ بالبيّنة العادلة ، فقلب أبو بكر الحجّة عليها في ما كان في يدها! وإنّما تجب عليه هو ولى أصحابه في ما ادّعاه له ، ولهم. فحكم على فاطمة عليهاالسلام بما لم يحكم به على أحد من المسلمين ، وطلب منها البيّنة على ما في يدها ، ومنعت ميراث أبيها. وشهد على رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه لم يورّثها! والله تعالى قد ورّث الولد من والده ، نبيّا كان أو غيره.
(١) انظر ، روضة الواعظين : ١٥٢.