واختلال الأعصاب؟ ... هل هيمنت عليها العاطفة العمياء الّتي لا يبقى معها أثر لعقل ولا دين؟ ... وبالتّالي ، هل خرجت عن حدود الإتزان والإحتشام؟ ... حاشا بنت النّبيّ ، وفاطمة ، وعليّ ، وأخت الحسنين ، وحفيدة أبي طالب أن تنهزم أمام النّكبات ، وتستسلم للضّربات ... حاشا النّفس الكبيرة أن تتمكن منها العواطف ، أو تزعزعها العواصف ... فلقد تحولت تلك المحن ، والمصائب بكاملها إلى عقل ، وصبر ، وثقة بالله ، وكشفت كلّ نازلة نزلت بها عن معنى من أسمى معاني الكمال ، والجلال ، وعن سرّ من أسرار الإيمان النّبويّ المحمّديّ ، أنّ اعتصامها بالله ، وإيمانها به تماما كإيمان جدّها رسول الله.
وليس في قولي هذا أيّة شائبة من المغالاة ما دمت أقصد الإيمان الصّحيح الكامل الّذي لا ينحرف بصاحبه عن طاعة الله ومرضاته مهما تكن الدّوافع والملابسات ... وأي شيء أدل على هذه الحقيقة من قيامها بين يدي الله للصّلاة ليلة الحادي عشر من المحرّم ، ورجالها بلا رءوس على وجه الأرض تسفي عليهم الرّياح ، ومن حولها النّساء ، والأطفال في صياح وبكاء ، ودهشة وذهول ، وجيش العدو يحيط بها من كلّ جانب ... أنّ صلاتها في مثل هذه السّاعة تماما كصلاة جدّها رسول الله في المسجد الحرام ، والمشركون من حوله يرشقونه بالحجارة ، ويطرحون عليه رحم شاة ، وهو ساجد لله عزّ وعلا ، وكصلاة أبيها أمير المؤمنين في قلب المعركة بصفّين ، وصلاة أخيها سيّد الشّهداء يوم العاشر ، والسّهام تنهال عليه كالسّيل.
ولا تأخذك الدّهشة ـ أيّها القاريء ـ إذا قلت : أنّ صلاة السّيّدة زينب ليلة الحادي عشر من المحرّم كانت شكرا لله على ما أنعم ، ، وأنّها كانت تنظر إلى تلك