إنكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذّئب» (١). وكان يردّد في موقفه هذا كلمات ، منها :
«لا حوّل ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».
«اللهمّ أنّك ترى ما أنا فيه».
«إلهي إن كنت حبست عنّا النّصر ، فاجعله لما هو خير منه».
«اللهمّ اجعل ما حلّ بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل».
«لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذّليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».
«إنّي لأرجو أن يكرمني الله بالشّهادة».
«صبرا على قضائك يا ربّ ، لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين» (٢).
ولمّا نزف الدّم من جسده الشّريف ، ضعف وهوى على الأرض ، فدنا عمر بن سعد في جماعة من أصحابه ، فرآه يجود بنفسه ، فبكى وسالت دموعه على لحيته ، ثمّ صاح ، وهو يبكي : انزلوا إليه وأريحوه! ...
بكى ابن سعد على الحسين ، وفي نفس الوقت أمر بذبحه (٣) ...
وتدّلنا هذه الظّاهرة على أنّ الإنسان قد يتأثر وينفعل في موقف من المواقف من غير قصد وشعور ، تماما كما يتنفس ، وبهذا نستطيع أن نفسّر بكاء المجرمين
__________________
(١) تقدّمت تخريجاته.
(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ١٧٢ ، ترجمة الإمام الحسين لابن عساكر : ٣٣٢ ، جواهر المطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب لابن الدّمشقي : ٢ / ٢٨٨ ، الإرشاد : ٢ / ١٠٨ ، مثير الأحزان : ٥٢ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ١٦٦ ، معالي السّبطين : ١ / ٤٢٣ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٧٧.
(٣) انظر ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٣ ، البيان والتّبيين للجاحظ : ٣ / ١٧١ الطّبعة الثّانية ، المعارف لابن قتيبة : ٢١٣ ، النّهاية : ٤ / ٣٤٣ ، تذكرة الخواصّ : ٢٥٣.