القساة ، وهم يستمعون إلى حديث كربلاء وفاجعتها.
وعن السّيّدة زينب أنّها قالت : حين استشهد أخي الحسين هجم العدوّ على خيامنا للسّلب والنّهب ، ودخل إلى خيمتي رجل أزرق العينين ، فأخذ ما في الخيمة ، ونظر إلى زين العابدين ، وهو على نطع ، وكان مريضا ، فجذبه من تحته ورماه إلى الأرض ، والتفت إليّ ، وأخذ القناع من رأسي ، وقرطين كانا في أذنيّ ، وجعل يعالجهما ، ويبكي ، حتّى انتزعهما ... فقلت له : تسلبني ، وأنت تبكي؟! .. فقال : أبكي لمصابكم أهل البيت ...
وما يدرينا أنّ بعض من يبكي لمصاب أهل البيت يحمل روح هذا المجرم؟ ... وإنّه لو تسنى له أن يسلب الحوراء خمارها لفعل ... وأيّ فرق بين أزرق العينين هذا ، وبين من لا يفعل ولا يترك إلّا على أساس منفعته ومصلحته الخاصّة ، غير مكترث بدين ولا بضمير؟ ..
وإنّي أقدّم هذه الصّورة ، صورة بكاء أزرق العينين ، وسيّده ابن سعد للّذين يحسبون أنّ مجرد البكاء «التّباكي» يدخلهم الجنّة ، ولو راءوا ونافقوا ، ودسّوا وتآمروا ، وتجسموا وقبضوا ...
وأقدّمها للّذين يصعدون على منبر سيّد الشّهداء ، يشيدون ببطولته ، وإبائه ، وعظمته ، ومبادئه واعظين ومرشدين إلى سبيله وهدايته ، حتّى إذا نزلوا عنه طأطأوا رؤوسهم للوجهاء ، ومدوا أيديهم للأغنياء .. وإنّي رأيت أكثر من مرّة على منبر الحسين من يسبّح بحمد الظّالمين ، ويكيل لهم المديح والثّناء ناسيا أنّ هذا المنبر قد نصب لمحاربة الظّلم ومكافحة الإجرام ...
وأيضا أقدّمها للّذين يقضون حياتهم في معاقرة الخمرة ، واللّعب في القمار ،