الإمام في اليوم الّذي استشهد فيه عمّار بن ياسر ، وفي ذات يوم رأى شابّا يخرج من عسكر الشّام يضرب عسكر الإمام بسيفه ضزرب المستميت ، ومن غير وعي ، فأتاه وكلّمه بهدوء ، وقال له : يا هذا! أنّك تقف موقفا غريبا ، أنت مسئول عنه غدا. فقال له الشّاب : لقد قيل لي : أنّ صاحبكم لا يصلّي! ... فقال له هاشم : أنّهم خدعوك ، فعليّ ولد في الكعبة ، وأوّل من صلّى مع الرّسول إلى القبلة ، وقاتل معاوية وأباه من أجل الصّلاة ، ولو رأيت عسكر عليّ في ظلام اللّيل لرأيت التّهجد ، والتّضرع ، والصّلوات ، وتلاوة القرآن ، فاقتنع الشّاب ، وترك القتال (١).
__________________
(١) انظر ، هذه القصّة في تأريخ الطّبري : ٣ / ٩٤ ، ووقعة صفّين : ٤٠٢ طبعة مصر ، الكامل في التّأريخ :
٣ / ١٣٥ ، المعيار والموازنة : ١٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٧٨.
وهو هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص الزّهري ، الملقّب بالمرقال ، وكان مع عليّ عليهالسلام يوم صفّين ، ومن أشجع النّاس ، وكان أعور ، وهو القائل :
أعور يبغي أهله محلّا |
|
قد عالج الحياة حتّى ملّا |
لا بدّ أن يغلّ أو يغلّا |
وقيل هكذا ترتيب الأبيات كما ورد في مروج الذّهب : ٢ / ٢٢ ، والطّبريّ : ٦ / ٢٢.
قد أكثروا لومي وما أقلّا |
|
إنّي شريت النّفس لن أعتلّا |
أعور يبغي نفسه محلّا |
|
لا بدّ أن يغلّ أو يغلّا |
قد عالج الحياة حتّى ملّا |
|
أشدّهم بذي الكعوب شلّا |
وفي الطّبريّ : ٦ / ٢٤ : يتلّهم بذي الكعوب تلّا.
فقتل من القوم تسعة نفر أو عشرة وحمل عليه الحارث بن المنذر التّنوخي فطعنه فسقط ؛ ، وقد رثاه الإمام عليّ عليهالسلام فقال كما ذكر نصر بن مزاحم في وقعة صفّين : ٣٥٦.
جزى الله خيرا عصبة أسلمية |
|
صباح الوجوه صرّعوا حول هاشم |
ولكن ما أن سقط هاشم ؛ فأخذ رايته ابنه عبد الله بن هاشم وخطب خطبة عظيمة وقال فيها : إنّ هاشما كان عبدا من عباد الله الّذين قدّر أرزاقهم ، وكتب آثارهم ، وأحصى اعمالهم ، وقضى آجالهم ، فدعاه ـ