(وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٧)
____________________________________
بثقلها نحو المركز فصارت كالأوتاد وقيل لما خلق الله تعالى الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة ما هى* بمقر أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال (وَأَنْهاراً) أى وجعل فيه أنهارا لأن فى ألقى معنى الجعل (وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) بها إلى مقاصدكم (وَعَلاماتٍ) معالم يستدل بها السابلة بالنهار من جبل* ومنهل وريح وقد نقل أن جماعة يشمون التراب ويتعرفون به الطرقات (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) بالليل فى البرارى والبحار حيث لا علامة غيره والمراد بالنجم الجنس وقيل هو الثريا والفرقدان وبنات النعش والجدى وقرىء بضمتين وبضمة وسكون وهو جمع كرهن ورهن وقيل الأول بطريق حذف الواو من النجوم للتخفيف ولعل الضمير لقريش فإنهم كانوا كثيرى التردد للتجارة مشهورين بالاهتداء بالنجوم فى أسفارهم وصرف النظم عن سنن الخطاب وتقديم النجم وإقحام الضمير للتخصيص كأنه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون فالاعتبار بذلك والشكر عليه ألزم لهم وأوجب عليهم (أَفَمَنْ يَخْلُقُ) * هذه المصنوعات العظيمة ويفعل هاتيك الأفاعيل البديعة أو يخلق كل شىء (كَمَنْ لا يَخْلُقُ) شيئا أصلا وهو تبكيت للكفرة وإبطال لإشراكهم وعبادتهم للأصنام بإنكار ما يستلزمه ذلك من المشابهة بينها وبينه سبحانه وتعالى بعد تعداد ما يقتضى ذلك اقتضاء ظاهرا وتعقيب الهمزة بالفاء لتوجيه الإنكار إلى توهم المشابهة المذكورة على ما فصل من الأمور العظيمة الظاهرة الاختصاص به تعالى المعلومة كذلك فيما بينهم حسبما يؤذن به ما تلوناه من قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) الآيتين والاقتصار على ذكر الخلق من بينها لكونه أعظمها وأظهرها واستتباعه إياها أو لكون كل منها خلقا مخصوصا أى أبعد ظهور اختصاصه تعالى بمبدئية هذه الشئون الواضحة الدلالة على وحدانيته تعالى وتفرده بالألوهية واستبداده باستحقاق العبادة يتصور المشابهة بينه وبين ما هو بمعزل من ذلك بالمرة كما هو قضية إشراككم ومدارها وإن كان على تشبيه غير الخالق بالخالق لكن التشبيه حيث كان نسبة تقوم بالمنتسبين اختير ما عليه النظم الكريم مراعاة لحق سبق الملكة على العدم وتفاديا عن توسيط عدمها بينها وبين جزئياتها المفصلة قبلها وتنبيها على كمال قبح ما فعلوه من حيث إن ذلك ليس مجرد رفع الأصنام عن محلها بل هو حط لمنزلة الربوبية إلى مرتبة الجمادت ولا ريب فى أنه أقبح من الأول والمراد بمن لا يخلق كل ما هذا شأنه كائنا ما كان والتعبير عنه بما يختص بالعقلاء للمشاكلة أو العقلاء خاصة ويعرف منه حال غيرهم لدلالة النص فإن من يخلق حيث لم يكن كمن لا يخلق وهو من جملة العقلاء فما ظنك بالجماد وأيا ما كان فدخول الأصنام فى حكم عدم المماثلة والمشابهة إما بطريق الاندراج تحت الموصول العام وإما بطريق الانفهام بدلالة النص على* الطريقة البرهانية لا بأنهاهى المرادة بالموصول خاصة (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أى ألا تلاحظون فلا تتذكرون ذلك فإنه لوضوحه بحيث لا يفتقر إلى شىء سوى التذكر.