(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٨٢)
____________________________________
الْأَنْعامِ بُيُوتاً) أى بيوتا أخر مغايرة لبيوتكم المعهودة هى الخيام والقباب والأخبية والفساطيط (تَسْتَخِفُّونَها) تجدونها خفيفة سهلة المأخذ (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) وقت ترحالكم فى النقض والحمل والنقل وقرىء* بفتح العين (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) وقت نزولكم فى الضرب والبناء (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) عطف* على قوله تعالى (مِنْ جُلُودِ) والضمائر للأنعام على وجه التنويع أى وجعل لكم من أصواف الضأن وأوبار الإبل وأشعار المعز (أَثاثاً) أى متاع البيت وأصله الكثرة والاجتماع ومنه شعر أثيث (وَمَتاعاً) أى* شيئا يتمتع به بفنون التمتع (إِلى حِينٍ) إلى أن تقضوا منه أوطاركم أو إلى أن يبلى ويفنى فإنه فى معرض* البلا والفناء وقيل إلى أن تموتوا والكلام فى ترتيب المفاعيل مثل ما مر من قبل (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ) من غير صنع من قبلكم (ظِلالاً) أشياء تستظلون بها من الحركا لغمام والشجر والجبل وغيرها امتن سبحانه* بذلك لما أن تلك الديار غالبة الحرارة (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) مواضيع تسكنون فيها من الكهوف* والغيران والسروب والكلام فى الترتيب الواقع بين المفاعيل كالذى مر غير مرة (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) * جمع سربال وهو كل ما يلبس أى جعل لكم ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) * خصه بالذكر اكتفاء بذكر أحد الضدين عن ذكر الآخر أو لأن وقايته هى الأهم عندهم لما مر آنفا (وَسَرابِيلَ) * من الدروع والجواشن (تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) أى البأس الذى يصل إلى بعضكم من بعض فى الحرب من الضرب* والطعن ولقد من الله سبحانه علينا حيث ذكر جميع نعمه الفائضة على جميع الطوائف فبدأ بما يخص المقيمين حيث قال والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ثم بما يخص المسافرين ممن لهم قدرة على الخيام وأضرابها حيث قال وجعل لكم من جلود الأنعام الخ ثم بما يعم من لا يقدر على ذلك ولا يأويه إلا الظلال حيث قال وجعل لكم مما خلق ظلالا الخ ثم بما لا بد منه لأحد حيث قال وجعل لكم سرابيل الخ ثم بمالا غنى عنه فى الحروب حيث قال وسرابيل تقيكم بأسكم ثم قال (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الإتمام البالغ (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أى إرادة أن تنظروا فيما أسغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة والأنفسية والآفاقية فتعرفوا حق منعهما فتؤمنوا به وحده وتذروا ما كنتم به تشركون وتنقادوا لأمره وإفراد النعمة إما لأن المراد بها المصدر أو لإظهار أن ذلك بالنسبة إلى جانب الكبرياء شىء قليل وقرىء تسلمون أى تسلمون من العذاب أو من الشرك وقيل من الجراح بلبس الدروع (فَإِنْ تَوَلَّوْا) فعل ماض على طريقة الالتفات وصرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسلية له أى فإن أعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك ما ألقى إليهم من البينات والعبرة والعظات (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أى فلا قصور من جهتك لأن وظيفتك هى البلاغ الموضح أو الواضح وقد فعلته بما لا مزيد عليه فهو من باب وضع السبب موضع المسبب