(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) (٢٣)
____________________________________
العباد وهو تعميم بعد تخصيص وفيه تأكيد للاستمرار المفهوم من صيغة المستقبل (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الرحم وموالاة المؤمنين والإيمان بجميع الأنبياء المجمعين على الحق من غير تفريق بين أحد منهم ويندرج فيه مراعاة جميع حقوق الناس بل حقوق كل ما يتعلق بهم من الهر والدجاج (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) خشية جلال وهيبة ورهبة فلا يعصونه فيما أمر به (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) فيحاسبون* أنفسهم قبل أن يحاسبوا وفيه دلالة على كمال فظاعته حسبما ذكر فيما قبل (وَالَّذِينَ صَبَرُوا) على كل ما تكرهه النفس من الأفعال والتروك (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) طلبا لرضاه خاصة من غير أن ينظر إلى جانب الخلق رياء* وسمعة ولا إلى جانب النفس زينة وعجبا وحيث كان الصبر على الوجه المذكور ملاك الأمر فى كل ما ذكر من الصلات السابقة واللاحقة أورد على صيغة الماضى اعتناء بشأنه ودلالة على وجوب تحققه فإن ذلك مما لا بد منه إما فى نفس الصلات كما فيما عدا الأولى والرابعة والخامسة أو فى إظهار أحكامها كما فى الصلات الثلاث المذكورات فإنها وإن استغنت عن الصبر فى أنفسها حيث لا مشقة على النفس فى الاعتراف بالربوبية والخشية والخوف لكن إظهار أحكامها والجرى على موجبها غير خال عن الاحتياج إليه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) * المفروضة (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) أى بعضه الذى يجب عليهم إنفاقه (سِرًّا) لمن لم يعرف بالمال أو لمن لا يتهم* بترك الزكاة أو عند إنفاقه وإعطائه من تمنعه المروءة من أخذه ظاهرا (وَعَلانِيَةً) لمن لم يكن كما ذكر أو الأول* فى النطوع والثانى فى الفرض (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ) أى يجازون الإساءة بالإحسان أو يتبعون الحسنة السيئة* فتمحوها. عن ابن عباس رضى الله عنهما يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سىء غيرهم وعن الحسن إذا حرموا أعطوا وإذا ظلموا عفوا وإذا قطعوا وصلوا وعن ابن كيسان إذا أذنبوا تابوا وقيل إذا رأوا منكرا أمروا بتغييره وتقديم المجرور على المنصوب لإظهار كمال العناية بالحسنة (أُولئِكَ) * المنعوتون بالنعوت الجليلة والملكات الجميلة وهو مبتدأ خبره الجملة الظرفية أعنى قوله تعالى (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) * أى عاقبه الدنيا وما ينبغى أن يكون مآل أمر أهلها وهى الجنة وقيل الجار والمجرور خبر لأولئك وعقبى الدار فاعل الاستقرار وأياما كان فليس فيه قصر حتى يرد أن بعض ما فى حين الصلة ليس من العزائم التى يخل إخلالها بالموصول إلى حسن العاقبة والجملة خبر للموصولات المتعاطفة أو استئناف لبيان ما استوجبوه بتلك الصفات أن جعلت الموصولات المتعاطفة صفات لأولى الألباب على طريقة المدح من غير أن يقصد أن يكون للصلات المذكورة مدخل فى التذكر (جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من عقبى الدار أو مبتدأ