(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) (٢٣)
____________________________________
الضمير فى الأفعال الثلاثة للخائضين فى قصتهم فى عهد النبى صلىاللهعليهوسلم من أهل الكتاب والمسلمين لكن لا على* وجه إسناد كل منها إلى كلهم بل إلى بعضهم (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) أى هم ثلاثة أشخاص رابعهم أى جاعلهم أربعة بانضمامه إليهم كلبهم قيل قالته اليهود وقيل قاله السيد من نصارى نجران وكان يعقوبيا وقرىء* ثلاة بادغام الثاء فى التاء (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) قيل قالته النصارى أو العاقب منهم وكان نسطوريا* (رَجْماً بِالْغَيْبِ) رميا بالخبر الخفى الذى لا مطلع عليه أو ظنا بالغيب من قولهم رجم بالظن إذا ظن وانتصابه على الحالية من الضمير فى الفعلين جميعا أى راجمين أو على المصدرية منهما فإن الرجم والقول واحد أو من محذوف مستأنف واقع موقع الحال من ضمير الفعلين معا أى يرجمون رجما وعدم إيراد السين* للاكتفاء بعطفه على ما فيه ذلك (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) هو ما يقوله المسلمون بطريق التلقى من هذا الوحى وما فيه مما يرشدهم إلى ذلك من عدم نظمه فى سلك الرجم بالغيب وتغيير سبكه بزيادة الواو* المفيدة لزيادة وكادة النسبة فيما بين طرفيها لا بوحى آخر كما قيل (قُلْ) تحقيقا للحق وردا على الأولين* (رَبِّي أَعْلَمُ) أى أقوى علما (بِعِدَّتِهِمْ) بعددهم (ما يَعْلَمُهُمْ) أى ما يعلم عدتهم أو ما يعلمهم فضلا عن العلم* بعدتهم (إِلَّا قَلِيلٌ) من الناس قد وفقهم الله تعالى للاستشهاد بتلك الشواهد قال ابن عباس رضى الله عنه حين وقعت الواو انقطعت العدة وعليه مدار قوله رضى الله عنه أنا من ذلك القليل ولو كان فى ذلك وحى آخر لما خفى عليه ولما احتاج إلى الاستشهاد بالواو ولكان المسلمون أسوة له فى العلم بذلك وعن على كرم الله وجهه أنهم سبعة نفر أسماؤهم بمليخا ومكشليينا ومشليينا هؤلاء اصحاب يمين الملك وكان عن يساره مرنوش ودبرنوش وشاذنوش وكان يستشير هؤلاء الستة فى أمره والسابع الراعى الذى وافقهم حين* هربوا من ملكهم دقيانوس واسمه كفيشططيوش (فَلا تُمارِ) الفاء لتفريع النهى على ما قبله أى إذ قد عرفت* جهل اصحاب القولين الأولين فلا تجادلهم (فِيهِمْ) فى شأن الفتية (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) قدر ما تعرض له الوحى من وصفهم بالرجم بالغيب وعدم العلم على الوجه الإجمالى وتفويض العلم إلى الله سبحانه من غير* تصريح بجهلهم وتفضيح لهم فإنه مما يخل بمكارم الأخلاق (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ) فى شأنهم (ثامِنُهُمْ) من* الخائضين (أَحَداً) فإن فيما قص عليك لمندوحة عن ذلك مع أنه لا علم لهم بذلك وقال عطاء إلا قليل من أهل الكتاب فالضمائر الثلاثة فى الأفعال الثلاثة لهم وما ذكر من الشواهد لإرشاد المؤمنين إلى صحة القول الثالث وفيه محيص عما فى الأول من التكلف فى جعل أحد الأقوال المحكية المنظومة فى سمط واحد ناشئا عن الحكاية مع كون الأخيرين بخلافه ووضوح فى سبب حذف المفعول فى لا تمار والمعنى حينئذ وإذ قد وقفت على أن كلهم ليسوا على خطأ فى ذلك فلا تجادلهم إلا جدالا ظاهرا نطق به الوحى المبين من غير تجهيل لجميعهم فإن فيهم مصيبا وإن قل والنهى عن الاستفتاء لدفع ما عسى يتوهم من احتمال جوازه أو احتمال وقوعه بناء على إصابة بعضهم فالمعنى لا تراجع إليهم فى شأن الفتية ولا تصدق القول الثالث من حيث صدوره عنهم بل من حيث التلقى من الوحى (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ) أى لأجل شىء تعزم عليه (إِنِّي فاعِلٌ