(إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (٢٥)
____________________________________
ذلِكَ) الشىء (غَداً) أى فيما يستقبل من الزمان مطلقا فيدخل فيه الغد دخولا أوليا فإنه نزل حين قالت* اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن أصحاب الكهف وذى القرنين فسألوه صلىاللهعليهوسلم فقال ائتونى غدا أخبركم ولم يستثن فأبطأ عليه الوحى حتى شق عليه وكذبته قريش وما قيل من أن المدلول بالعبارة هو الغدو ما بعد ذلك مفهوم بطريق دلالة النص يرده أن ما بعده ليس بمعناه فى مناط النهى فإن وسعة المجال دليل القدرة فليتأمل (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) استثناء مفرغ من النهى أى لا تقولن ذلك فى حال من الأحوال إلا حال ملابسته بمشيئته تعالى على الوجه المعتاد وهو أن يقال إن شاء الله أو فى وقت من الأوقات إلا وقت أن يشاء الله أن تقوله لا مطلقا بل مشيئته إذن فإن النسيان أيضا بمشيئته تعالى ولا مساغ لتعليقه بفاعل لعدم سداد استثناء اقتران المشيئة بالفعل ومنافاة استثناء اعتراضها النهى وقيل الاستثناء جار مجرى التأييد كأنه قيل لا تقولنه أبدا كقوله تعالى (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) بقولك إن شاء الله مداركا له* (إِذا نَسِيتَ) إذا فرط منك نسيان ثم ذكرته وعن ابن عباس رضى الله عنهما ولو بعد سنة ما لم يحنث* ولذلك جوز تأخير الاستثناء وعامة الفقهاء على خلافه إذ لوصح ذلك لما تقرر إقرار ولا طلاق ولا عتاق ولم يعلم صدق ولا كذب قال القرطبى هذا فى تدارك التبرك والتخلص عن الإثم وأما الاستثناء المغير للحكم فلا يكون إلا متصلا ويجوز أن يكون المعنى واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت الاستثناء مبالغة فى الحث عليه أو اذكر ربك وعقابه إذا تركت بعض ما أمرك به ليبعثك ذلك على التدارك أو اذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسى وقد حمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) * أى يوفقنى (لِأَقْرَبَ مِنْ هذا) أى لشىء أقرب وأظهر من نبأ أصحاب الكهف من الآيات والدلائل الدالة* على نبوتى (رَشَداً) أى إرشادا للناس ودلالة على ذلك وقد فعل عزوجل ذلك حيث آتاه من البينات ما هو* أعظم من ذلك وأبين كقصص الأنبياء المتباعد أيامهم والحوادث النازلة فى الأعصار المستقبلة إلى قيام الساعة أو لأقرب رشدا وأدنى خبرا من المنسى (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ) أحياء مضروبا على آذانهم (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) وهى جملة مستأنفة مبينة لما أجمل فيما سلف وأشير إلى عزة مناله وقيل إنه حكاية كلام أهل الكتاب فإنهم اختلفوا فى مدة لبثهم كما اختلفوا فى عدتهم فقال بعضهم هكذا وبعضهم ثلثمائة وروى عن على رضى الله عنه أنه قال عند أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلثمائة سنة شمسية والله تعالى ذكر السنة القمرية والتفاوت بينهما فى كل مائة سنة ثلاث سنين فيكون ثلثمائة وتسع سنين وسنين عطف بيان لثلثمائة وقيل بدل وقرىء على الإضافة وضعا للجمع موضع المفرد ومما يحسنه ههنا أن علامة الجمع فيه جبر