(قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦) وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٢٨)
____________________________________
لما حذف فى الواحد وأن الأصل فى العدد إضافته إلى الجمع (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) أى بالزمان الذى لبثوا فيه* (لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى ما غاب فيهما وخفى من أحوال أهلهما واللام للاختصاص العلمى* دون التكوينى فإنه غير مختص بالغيب (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) دل بصيغة التعجب على أن شأن علمه سبحانه بالمبصرات والمسموعات خارج عما عليه إدراك المدركين لا يحجبه شىء ولا يحول دونه حائل ولا يتفاوت بالنسبة إليه اللطيف والكثيف والصغير والكبير والخفى والجلى والهاء ضمير الجلالة ومحله الرفع على الفاعلية والباء مزيدة عند سيبويه وكان أصله أبصر أى صار ذا بصر ثم نقل إلى صيغة الأمر للإنشاء فبرز الضمير لعدم لياقة الصيغة له أو لزيادة الباء كما فى كفى به والنصب على المفعولية عند الأخفش والفاعل ضمير المأمور وهو كل أحد والباء مزيدة إن كانت الهمزة للتعدية ومعدية إن كانت للصيرورة ولعل تقديم* أمر إبصاره تعالى لما أن الذى نحن بصدده من قبيل المبصرات (ما لَهُمْ) لأهل السموات والأرض (مِنْ دُونِهِ) تعالى (مِنْ وَلِيٍّ) يتولى أمورهم وينصرهم استقلالا (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ) فى قضائه أو فى علم* الغيب (أَحَداً) منهم ولا يجعل له فيه مدخلا وهو كما ترى أبلغ فى نفى الشريك من أن يقال من ولى ولا شريك وقرىء على صيغة نهى الحاضر على أن الخطاب لكل أحد ولما دل انتظام القرآن الكريم لقصة أصحاب الكهف من حيث إنها بالنسبة إلى النبى صلىاللهعليهوسلم من المغيبات على أنه وحى معجز أمره صلىاللهعليهوسلم بالمداومة على دراسته فقال (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) ولا تسمع لقولهم ائت بقرآن غير هذا أو بدله (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) لا قادر على تبديله وتغييره غيره (وَلَنْ تَجِدَ) أبد الدهر وإن بالغت فى الطلب (مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) ملجأ تعدل إليه عند إلمام ملمة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) احبسها وثبتها مصاحبة (مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ) أى دائبين على الدعاء فى جميع الأوقات وقيل فى طرفى النهار وقرىء بالغدوة على أن إدخال اللام عليها وهى علم فى الأغلب على تأويل التنكير بهم والمراد بهم فقراء المؤمنين مثل صهيب وعمار وخباب ونحوهم رضى الله عنهم وقيل أصحاب الصفة وكانوا نحو سبعمائة رجل قيل إنه قال قوم من رؤساء الكفرة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم نح هؤلاء الموالى الذين كأن ريحهم ريح الضأن حتى نجالسك كما قال قوم نوح عليهالسلام أنؤمن لك واتبعك الأرذلون فنزلت والتعبير عنهم بالموصول لتعليل الأمر بما فى حين