(أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣)
____________________________________
ودعة كما يلى للبهيمة فى المرعى وهذا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عما لقى من المشركين من التكذيب والاقتراح على طريقة الاستهزاء به ووعيد لهم والمعنى إن ذلك ليس مختصا بك بل هو أمر مطرد قد فعل ذلك برسل كثيرة كائنة من قبلك فأمهلت الذين فعلوه بهم والعدول فى الصلة إلى وصف الكفر ليس لأن المملى لهم غير المستهزئين* بل لإرادة الجمع بين الوصفين أى فأمليت للذين كفروا مع استهزائهم لا باستهزائهم فقط (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) أى عقابى إياهم وفيه من الدلالة على تناهى كيفيته فى الشدة والفظاعة ما لا يخفى (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) أى رقيب مهيمن (عَلى كُلِّ نَفْسٍ) كائنة من كانت (بِما كَسَبَتْ) من خير أو شر لا يخفى عليه شىء من ذلك بل يجازى كلا بعمله وهو الله تعالى والخبر محذوف أى كمن ليس كذلك إنكارا لذلك وإدخال الفاء لتوجيه الإنكار إلى توهم المماثلة غب ما علم مما فعل تعالى بالمستهزئين من الإملاء المديد والأخذ الشديد ومن كون الأمر كله لله تعالى وكون هداية الناس جميعا منوطة بمشيئته تعالى ومن تواتر القوارع على الكفرة إلى أن يأتى وعد الله كأنه قيل أألأمر كذلك فمن هذا شأنه كما ليس فى عداد الأشياء حتى تشركوه به فالإنكار متوجه إلى ترتب المعطوف أعنى توهم المماثلة على المعطوف عليه المقدر أعنى كون الأمر كما ذكر كما فى قولك أتعلم الحق فلا تعمل به لا إلى المعطوفين جميعا كما إذا قلت ألا تعلمه فلا تعمل* به وقوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) جملة مستقلة جىء بها للدلالة على الخبر أو حالية أى أفمن هذه صفاته كما ليس كذلك وقد جعلوا له شركاء لا شريكا واحدا أو معطوفة على الخبر إن قدر ما يصلح لذلك أى أفمن هذا شأنه لم يوحدوه وجعلوا له شركاء ووضع المظهر موضع المضمر للتنصيص على وحدانيته ذاتا واسما وللتنبيه على اختصاصه باستحقاق العبادة مع ما فيه من البيان بعد الإبهام بإيراده موصولا للدلالة على* التفخيم وقوله تعالى (قُلْ سَمُّوهُمْ) تبكيت لهم إثر تيكيت أى سموهم من هم وماذا أسماؤهم أو صفوهم* وانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة ويستأهلون الشركة (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) أى بل أتنبئون الله (بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) أى بشركاء مستحقين للعبادة لا يعلمهم الله تعالى ولا يعزب عنه مثقال ذرة فى السموات* والأرض وقرىء بالتخفيف (أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) أى بل أتسمونهم بشركاء بظاهر من القول من غير أن يكون له معنى وحقيقة كتسمية الزنجى كافورا كقوله تعالى (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) وهاتيك الأساليب البديعة التى ورد عليها الآية الكريمة منادية على أنها خارجة عن قدرة البشر من كلام خلاق القوى والقدر* فتبارك الله رب العالمين (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) وضع الموصول موضع المضمر ذما لهم وتسجيلا عليهم* بالكفر (مَكْرُهُمْ) تمويههم الأباطيل أو كيدهم للإسلام بشركهم (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ) أى سبيل الحق من صده صدا وقرىء بكسر الصاد على نقل حركة الدال إليها وقرىء بفتحها أى صدوا الناس أو