(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (٦٧)
____________________________________
فإن من بيده ملكوت السموات والأرض وما بينهما كيف يتصور أن يحوم حول ساحة سبحاته الغفلة* والنسيان وهو خبر مبتدأ محذوف أو بدل من ربك والفاء فى قوله تعالى (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) لترتيب ما بعدها من موجب الأمرين على ما قبلها من كونه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما وقيل من كونه تعالى غير تارك له عليهالسلام أو غير ناس لأعمال العاملين والمعنى فحين عرفته تعالى بما ذكر من الربوبية الكاملة فاعبده الخ فإن إيجاب معرفته تعالى كذلك لعبادته مما لا ريب فيه أو حين عرفت أنه تعالى لا ينساك أو لا ينسى أعمال العاملين كائنا من كان فأقبل على عبادته واصطبر على مشاقها ولا تحزن بإبطاء الوحى وهزؤ الكفرة فإنه يراقبك ويراعيك ويلطف بك فى الدنيا والآخرة وتعدية الاصطبار باللام لا بحرف الاستعلاء كما فى قوله تعالى (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) لتضمينه معنى الثبات للعبادة فيما تورد عليه من الشدائد* والمشاق كقولك للمبارز اصطبر لقرنك أى أثبت له فيما يورد عليك من شدائده (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) السمى هو الشريك فى الاسم والظاهر أن يراد به ههنا الشريك فى اسم خاص قد عبر عنه تعالى بذلك وهو رب السموات والأرض وما بينهما والمراد بإنكار العلم ونفيه إنكار المعلوم ونفيه على أبلغ وجه وآكده فالجملة تقرير لما أفاده الفاء من علية ربوبيته العامة لوجوب عبادته بل لوجوب تخصيصها به تعالى ببيان استقلاله عزوجل بذلك الاسم وانتفاء إطلاقه على الغير بالكلية حقا أو باطلا وقيل المراد هو الشريك فى الاسم الجليل فإن المشركين مع غلوهم فى المكابرة لم يسموا الصنم بالجلالة أصلا وقيل هو الشريك فى اسم الإله والمراد بالتسمية التسمية على الحق فالمعنى هل تعلم شيئا يسمى بالاستحقاق إلها وأما التسمية على الباطل فهى كلا تسمية فتقرير الجملة لوجوب العبادة باعتبار ما فى الاسمين الكريمين من الإشعار باستحقاق العبادة فتدبر (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) المراد به إما الجنس بأسره وإسناد القول إلى الكل لوجود القول فيما بينهم وإن لم يقله الجميع كما يقال بنو فلان قتلوا فلانا وإنما القاتل واحد منهم وإما البعض المعهود منهم وهم الكفرة أو أبى بن خلف فإنه أخذ عظاما بالية ففتها وقال يزعم محمد أنا نبعث بعد ما نموت ونصير إلى هذه الحال أى يقول بطريق الإنكار والاستبعاد (أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) أى أبعث من الأرض أو من حال الموت وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار لما أن المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة وانتصابه بفعل دل عليه أخرج لابه فإن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها وهى ههنا مخلصة للتوكيد مجردة عن معنى الحال كما خلصت الهمزة واللام للتعويض فى يا ألله فساغ اقترانها بحرف الاستقبال وقرىء إذا مامت بهمزة واحدة مكسورة على الخبر (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ) من الذكر الذى يراد به التفكر والإظهار فى موقع الإضمار لزيادة التقرير والإشعار بأن الإنسانية من دواعى التفكر فيما جرى عليه من شئون التكوين المنحية بالقلع عن القول المذكور وهو السر فى إسناده إلى الجنس أو إلى الفرد بذلك العنوان والهمزة للإنكار التوبيخى والواو