(وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) (٧٧)
____________________________________
قوله تعالى (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) وقيل المراد به الدعاء بالمد والتنفيس وعلتبار الاستقرار فى الضلال لما أن المد لا يكون إلا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله عزوجل والتعرض لعنوان الرحمانية لما أن* المد من أحكام الرحمة الدنيوية وقوله تعالى (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) غاية للمد الممتد لا لقول المفتخرين كما قيل إذ ليس فيه امتداد بحسب الذات وهو ظاهر ولا استمرار بحسب التكرار لوقوعه فى حين جواب إذا وجمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى من كما أن الأفراد فى الضميرين الأولين باعتبار لفظها* وقوله تعالى (إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ) تفصيل للموعود بدل منه على سبيل البدل فإنه إما العذاب الدنيوى بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا وأسرا وإما يوم القيامة وما نالهم فيه من الخزى والنكال* على طريقة منع الخلو دون منع الجمع فإن العذاب الأخروى لا ينفك عنهم بحال وقوله تعالى (فَسَيَعْلَمُونَ) جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى أى حتى إدا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوى أو الأخروى* فقط فسيعلمون حينئذ (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) من الفريقين بأن يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه* فيعلمون أنهم شر مكانا لا خير مقاما (وَأَضْعَفُ جُنْداً) أى فئة وأنصارا لا أحسن نديا كما كانوا يدعونه وليس المراد أن له ثمة جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وإنما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون أن لهم أعوانا من الأعيان وأنصارا من الأخيار ويفتخرون بذلك فى الأندية والمحافل (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) كلام مستأنف سيق لبيان حال المهتدين إثر بيان حال الضالين وقيل عطف على فليمدد لأنه فى معنى الخبر حسبما عرفته كأنه قيل من كان فى الضلالة يمده الله ويزيد المهتدين هداية كقوله تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) وقيل عطف على الشرطية المحكية بعد القول كأنه لما بين أن إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة ليس لفضله عقب ذلك ببيان أن قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه بل لأنه تعالى أراد به ما هو خير من ذلك وقوله تعالى (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ) على تقديرى الاستئناف والعطف كلام مستأنف وارد من جهته تعالى لبيان فضل أعمال المهتدين غير داخل فى حين الكلام الملقن لقوله تعالى (عِنْدَ رَبِّكَ) أى الطاعات التى تبقى فوائدها وتدوم عوائدها ومن جملتها ما قيل من الصلوات الخمس وما قيل من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خير عند الله تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره لتشريفه صلىاللهعليهوسلم (ثَواباً) أى عائدة مما يتمتع به الكفرة من النعم المخدجة الفانية التى يفتخرون بها لا سيما ومآلها النعيم المقيم ومآل هذه الحسرة السرمدية والعذاب الأليم كما أشير إليه بقوله تعالى (وَخَيْرٌ مَرَدًّا) أى مرجعا وعاقبة وتكرير الخير لمزيد الاعتناء ببيان الخيرية وتأكيد لها وفى التفضيل مع أن ما للكفرة بمعزل من أن يكون له خيرية فى العاقبة تهكم بهم (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي