(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (٩٨)
____________________________________
وعن النبى صلىاللهعليهوسلم إذا أحب الله عبدا يقول لجبريل عليهالسلام إنى أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادى فى أهل السماء إن الله أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له المحبة فى الأرض والسين لأن السورة مكية وكانوا إذ ذاك ممقوتين بين الكفرة فوعدهم ذلك ثم أنجزه حين ربا الإسلام أو لأن الموعود فى القيامة حين تعرض حسناتهم على رءوس الأشهاد فينزع ما فى صدورهم من الغل الذى كان فى الدنيا ولعل إفراد هذا بالوعد من بين ما سيؤتون يوم القيامة من الكرامات السنية لما أن الكفرة سيقع بينهم يومئذ تباغض وتضاد وتقاطع وتلاعن (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) أى القرآن (بِلِسانِكَ) بأن أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على وقيل ضمن التيسير معنى الإنزال أى يسرنا القرآن منزلين له بلغتك والفاء لتعليل أمر ينساق إليه النظم الكريم كأنه قيل بعد إيحاء السورة الكريمة بلغ هذا المنزل أو بشر به وأنذر فإنما يسرناه بلسانك العربى المبين (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) أى الصائرين إلى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهى (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) لا يؤمنون به لجاجا وعنادا واللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة اللجوج المعاند وقوله تعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) وعد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فى ضمن وعيد الكفره بالإهلاك وحث له صلىاللهعليهوسلم على الإنذار أى قرنا كثيرا أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين وقوله تعالى (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ) استئناف مقرر لمضمون ما قبله أى هل تشعر بأحد منهم وترى (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) أى صوتا خفيا وأصل الركز هو الخفاء ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه فى الأرض والركاز المال المدفون المخفى والمعنى أهلكناهم بالكلية واستأصلناهم بحيث لا يرى منهم أحد ولا يسمع منهم صوت خفى. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة مريم أعطى عشر حسنات بعدد من كذب زكريا وصدق به ويحيى وعيسى ومريم وسائر الأنبياء المذكورين فيها وبعدد من دعا الله تعالى فى الدنيا ومن لم يدع الله تعالى.
(تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله سورة طه)