(وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) (١٤)
____________________________________
* بِسُلْطانٍ) أى بحجة من الحجج فضلا عن السلطان المبين بشىء من الأشياء وسبب من الأسباب (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فإنه أمر يتعلق بمشيئته تعالى إن شاء كان وإلا فلا (وَعَلَى اللهِ) وحده دون ما عداه مطلقا* (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أمر منهم للمؤمنين بالتوكل ومقصودهم حمل أنفسهم عليه آثر ذى أثير ألا يرى إلى قوله عزوجل (وَما لَنا) أى أى عذر لنا (أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ) أى فى أن لا نتوكل عليه والإظهار* لإظهار النشاط بالتوكل عليه والاستلذاذ بذكر اسمه تعالى وتعليل التوكل (وَقَدْ هَدانا) أى والحال أنه قد* فعل بنا ما يوجبه ويستدعيه حيث هدانا (سُبُلَنا) أى أرشد كلامنا سبيله ومنهاجه الذى شرع له وأوجب عليه سلوكه فى الدين وحيث كانت أذية الكفار مما يوجب القلق والاضطراب القادح فى التوكل قالوا على* سبيل التوكيد القسمى مظهرين لكمال العزيمة (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا) بالعناد واقتراح الآيات وغير* ذلك مما لا خير فيه (وَعَلَى اللهِ) خاصة (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) أى فليثبت المتوكلون على ما أحدثوه من التوكل والمراد هو المراد مما سبق من إيجاب التوكل على أنفسهم والمراد بالمتوكلين المؤمنون والتعبير عنهم بذلك لسبق ذكر اتصافهم به ويجوز أن يراد وعليه فليتوكل من توكل دون غيره (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) لعل هؤلاء القائلين بعض المتمردين العاتين الغالين فى الكفر من أولئك الأمم الكافرة التى نقلت مقالاتهم* الشنيعة دون جميعهم كقوم شعيب وأضرابهم ولذلك لم يقل وقالوا (لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) لم يقنعوا بعصيانهم الرسل ومعاندتهم الحق بعد ما رأوا البينات الفائتة للحصر حتى اجترءوا على مثل هاتيك العظيمة التى لا يكاد يحيط بها دائرة الإمكان فحلفوا على أن يكون أحد المحالين والعود إما بمعنى مطلق الصيرورة أو باعتبار تغليب المؤمنين على الرسل وقد مر فى الأعراف وسيأتى* فى الكهف (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) أى إلى الرسل (رَبُّهُمْ) مالك أمرهم عند تناهى كفر الكفرة وبلوغهم من* العتو إلى غاية لا مطمع بعدها فى إيمانهم (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) على إضمار القول أو على إجراء الإيحاء مجراه لكونه ضربا منه (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ) أى أرضهم وديارهم عقوبة لهم بقولهم لنخرجنكم من أرضنا كقوله تعالى (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا (مِنْ بَعْدِهِمْ) أى من بعد* إهلاكهم وقرىء ليهلكن وليسكننكم بالياء اعتبارا لأوحى كقولهم حلف زيد ليخرجن غدا (ذلِكَ) * إشارة إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين ديارهم أى ذلك الأمر محقق ثابت (لِمَنْ خافَ