(وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (٢١)
____________________________________
بينكم وبينهم رتب قدرته تعالى على ذلك على قدرته تعالى على خلق السموات والأرض على هذا النمط البديع إرشادا إلى طريق الاستدلال فإن من قدر على خلق مثل هاتيك الأجرام العظيمة كان على تبديل خلق آخر بهم أقدر ولذلك قال (وَما ذلِكَ) أى إذهابكم والإتيان بخلق جديد مكانكم (عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بمتعذر أو متعسر فإنه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور ومن هذا شأنه حقيق بأن يؤمن به ويرجى ثوابه ويخشى عقابه (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) أى يبرزون يوم القيامة وإيثار صيغة الماضى للدلالة على تحقق وقوعه كما فى قوله سبحانه (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) أو لأنه لا مضى ولا استقبال بالنسبة إليه سبحانه والمراد بروزهم من قبورهم لأمر الله تعالى ومحاسبته أو لله على ظنهم فإنهم كانوا يظنون عند ارتكابهم الفواحش سرا أنها تخفى على الله سبحانه فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم (فَقالَ الضُّعَفاءُ) الأتباع جمع ضعيف والمراد ضعف الرأى وإنما كتب بالواو على لفظ من يفخم* الألف قبل الهمزة (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) لرؤسائهم الذين استتبعوهم واستغووهم (إِنَّا كُنَّا) فى الدنيا (لَكُمْ تَبَعاً) فى تكذيب الرسل عليهمالسلام والإعراض عن نصائحهم وهو جمع تابع كغيب فى جمع غائب أو مصدر نعت به مبالغة أو على إضمار أى ذوى تبع (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ) دافعون (عَنَّا) والفاء للدلالة على* سببية الإتباع للإغناء والمراد التوبيخ والعتاب والتقريع والتبكيت (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) من الأولى* للبيان واقعة موقع الحال والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول أى بعض الشىء الذى هو عذاب الله تعالى ويجوز كونهما للتبعيض أى بعض شىء هو بعض عذاب الله والإعراب كما سبق ويجوز أن تكون الأولى مفعولا والثانية مصدرا أى فهل أنتم مغنون عنا بعض العذاب بعض الإغناء ويعضد الأول قوله تعالى (فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (قالُوا) أى المستكبرون جوابا عن معاتبة الأتباع واعتذارا عما فعلوا* بهم (لَوْ هَدانَا اللهُ) أى للإيمان ووفقنا له (لَهَدَيْناكُمْ) ولكن ضللنا فأضللناكم أى اخترنا لكم ما اخترناه* لأنفسنا أو لو هدانا الله طريق النجاة من العذاب لهديناكم وأغنينا عنكم كما عرضنا كم له ولكن سددوننا طريق الخلاص ولات حين مناص (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا) مما لقينا (أَمْ صَبَرْنا) على ذلك أى مستو علينا* الجزع والصبر فى عدم الإنجاء والهمزة وأم لتأكيد التسوية كما فى قوله تعالى (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) وإنما أسندوهما ونسبوا استواءهما إلى ضمير المتكلم المنتظم للمخاطبين أيضا مبالغة فى النهى عن