(تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧)
____________________________________
(تُؤْتِي أُكُلَها) تعطى ثمرها (كُلَّ حِينٍ) وقته الله تعالى لإثمارها (بِإِذْنِ رَبِّها) بإرادة خالقها والمراد* بالشجرة المنعوتة إما النخلة كما روى مرفوعا أو شجرة فى الجنة (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لأن فى ضربها زيادة إفهام وتذكير فإنه تصوير للمعانى بصور المحسوسات (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) هى كلمة* الكفر والدعاء إليه أو تكذيب الحق أو ما يعم الكل أو كل كلمة قبيحة (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) أى كمثل شجرة خبيثة قيل هى كل شجرة لا يطيب ثمرها كالحنظل والكشوث ونحوهما وتغيير الأسلوب للإيذان بأن* ذلك غير مقصود الضرب والبيان وإنما ذلك أمر ظاهر يعرفه كل أحد (اجْتُثَّتْ) استؤصلت وأخذت* جثتها بالكلية (مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) لكون عروقها قريبة منه (ما لَها مِنْ قَرارٍ) استقرار عليها (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) الذى ثبت بالحجة عندهم وتمكن فى قلوبهم وهو الكلمة الطيبة* التى ذكرت صفتها العجيبة (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فلا يزالون عنه إذا افتتنوا فى دينهم كزكريا ويحيى وجرجيس* وشمسون والذين فتنهم أصحاب الأخدود (وَفِي الْآخِرَةِ) فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم فى الموقف ولا تدهشهم أهوال القيامة أو عند سؤال القبر. روى أنه صلىاللهعليهوسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال ثم يعاد روحه فى جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فى قبره فيقولون من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول ربى الله ودينى الإسلام ونبيى محمد صلىاللهعليهوسلم فينادى مناد من السماء أنه صدق عبدى فذلك قوله تعالى (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) وهذا مثال إيتاء الشجرة المذكورة أكلها كل حين قال الثعلبى فى تفسيره أخبرنى أبو القاسم بن حبيب فى سنة ست وثمانين وثلثمائة قال سمعت أبا الطيب محمد بن على الخياط يقول سمعت سهل بن عمار العملى يقول رأيت يزيد بن هرون فى منامى بعد موته فقلت ما فعل الله بك قال أتانى فى قبرى ملكان فظان فقالا من ربك وما دينك ومن نبيك فأخذت بلحيتى البيضاء فقلت لهما ألمثلى يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين* سنة فذهبا (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) أى يخلق فيهما الضلال عن الحق الذى ثبت المؤمنين عليه حسب إرادتهم واختيارهم والمراد بهم الكفرة بدليل ما يقابله ووصفهم بالظلم إما باعتبار وضعهم للشىء فى غير موضعه وإما باعتبار ظلمهم لأنفسهم حيث بدلوا فطرة الله التى فطر الناس عليها فلم يهتدوا إلى القول الثابت أو كل من ظلم نفسه بالاقتصار على التقليد والإعراض عن البينات الواضحة فلا يتثبت فى موقف الفتن ولا يهتدى إلى الحق فالمراد بالذين آمنوا حينئذ المخلصون فى الإيمان الراسخون فى الإيقان كما ينبىء عنه التثبيت لكنه* يوهم كون كلمة التوحيد إذا كانت لا عن إيقان داخلة تحت مالا قرار له من الشجرة المضروبة مثلا (وَيَفْعَلُ