(قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٤٥)
____________________________________
فلا يعمل فيهم كيدى وقرىء بكسر اللام أى الذين أخلصوا نفوسهم لله تعالى (قالَ هذا صِراطٌ) أى حق (عَلَيَّ) أن أراعيه (مُسْتَقِيمٌ) لا عوج فيه والإشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخلص المخلصين من إغوائه* أو الإخلاص على معنى أنه طريق يؤدى إلى الوصول إلى من غير اعوجاج وضلال والأظهر أن ذلك لما وقع فى عبارة إبليس حيث قال (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) الآية وقرىء على من علو الشرف (إِنَّ عِبادِي) وهم المشار إليهم بالمخلصين (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) تسلط وتصرف بالإغواء (إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) وفيه مع كونه تحقيقا لما قاله اللعين تفخيم لشأن المخلصين* وبيان لمنزلتهم ولا نقطاع مخالب الإغواء عنهم وأن إغواءه للغاوين ليس بطريق السلطان بل بطريق اتباعهم له بسوء اختيارهم (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) أى موعد المتبعين أو الغاوين والأول أنسب وأدخل فى الزجر عن اتباعه وفيه دلالة على أن جهنم مكان الوعد وأن الموعود مما لا يوصف فى الفظاعة (أَجْمَعِينَ) * تأكيد للضمير أو حال والعامل فيها الموعد إن جعل مصدرا على تقدير المضاف أو معنى الإضافة إن جعل اسم مكان (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) يدخلونها لكثرتهم أو سبع طبقات ينزلونها بحسب مراتبهم فى الغواية والمتابعة وهى جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية (لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ) من الأتباع* أو الغواة (جُزْءٌ مَقْسُومٌ) حزب معين مفرز من غيره حسبما يقتضيه استعداده فأعلاها للموحدين والثانية* لليهود والثالثة للنصارى والرابعة للصابئين والخامسة للمجوس والسادسة للمشركين والسابعة للمنافقين وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما إن جهنم لمن ادعى الربوبية ولظى لعبدة النار والحطمة لعبدة الأصنام وسقر لليهود والسعير للنصارى والجحيم للصابئين والهاوية للموحدين ولعل حصرها فى السبع لانحصار المهلكات فى المحسوسات بالحواس الخمس ومقتضيات القوة الشهوية والغضبية وقرىء بضم الزاى وبحذف الهمزة وإلقاء حركتها إلى ما قبلها مع تشديدها فى الوقف والوصل ومنهم حال من جزء أو من ضميره فى الظرف لا فى مقسوم لأن الصفة لا تعمل فيما تقدم موصوفها (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) من اتباعه فى الكفر والفواحش فإن غيرها مكفر (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أى مستقرون فيها خالدين لكل واحد منهم جنة وعين* منهما كقوله تعالى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) وقرىء بكسر العين حيث وقع فى القرآن العظيم.