(قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠)
____________________________________
الناس وهو يقول لما حضر آدم عليه الصلاة والسلام الوفاة قال يا رب سيشمت بى عدوى إبليس إذا رآنى ميتا وهو منظر إلى يوم القيامة فأجيب أن يا آدم إنك سترد إلى الجنة ويؤخر اللعين إلى النظرة ليذوق ألم الموت بعدد الأولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت فلما وصفه قال يا رب حسبى فضج الناس وقالوا يا أبا إسحق كيف ذلك فأبى فألحوا فقال يقول الله سبحانه لملك الموت عقيب النفخة الأولى قد جعلت فيك قوة أهل السموات السبع وأهل الأرضين السبع وإنى ألبستك اليوم أثواب السخط والغضب كلها فانزل بغضبى وسطوتى على رجيمى إبليس فأذقه الموت واحمل عليه فيه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين أضعافا مضاعفة وليكن معك من الزبانية سبعون ألفا قد امتلأوا غيظا وغضبا وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من أغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين ألف كلاب من كلاليبها وناد مالكا ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليها أهل السموات والأرضين لماتوا بغتة من هو لها فينتهى إلى إبليس فيقول قف لى يا خبيث لأذيقنك الموت كم من عمر أدركت وقرون أضللت وهذا هو الوقت المعلوم قال فيهرب اللعين إلى المشرق فإذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب إلى المغرب فإذا هو به بين عينيه فيغوص البحار فتنز منه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب فى الأرض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم فى وسط الدنيا عند قبر آدم ويتمرغ فى التراب من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق حتى إذا كان فى الموضع الذى أهبط فيه آدم عليه الصلاة والسلام وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى فى النزع والعذاب إلى حيث يشاء الله تعالى ويقال لآدم وحواء اطلعا اليوم إلى عدوكما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظران إلى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا أتممت علينا نعمتك (قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) * الباء للقسم وما مصدرية والجواب (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ) أى أقسم بإغوائك إياى لأزينن لهم المعاصى (فِي الْأَرْضِ) أى فى الدنيا التى هى دار الغرور كقوله تعالى (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) وإقسامه بعزة الله المفسرة بسلطانه وقهره لا ينافى إقسامه بهذا فإنه فرع من فروعها وأثر من آثارها فلعله أقسم بهما جميعا فحكى تارة فسمه بهذا وأخرى بذاك أو للسببية وقوله (لَأُزَيِّنَنَ) جواب قسم محذوف والمعنى بسبب تسببك لإغوائى أقسم لأفعلن بهم مثل ما فعلت بى من التسبيب لإغوائهم بتزيين المعاصى وتسويل الأباطيل والمعتزلة أولوا الإغواء بالنسبة إلى الغى أو التسبب له بأمره إياه بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام واعتذروا عن إمهال الله تعالى وتسليطه له على إغواء بنى آدم بأنه تعالى قد علم منه وممن تبعه أنهم يموتون على الكفر* ويصيرون إلى النار أمهل أم لم يمهل وأن فى إمهاله تعريضا لمن خالفه لاستحقاق مزيد الثواب (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) لأحملنهم على الغواية (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من الشوائب