(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣)
____________________________________
يراقبون أحواله من أجل أمر الله تعالى وقد قرىء به وقيل من بمعنى الباء وقيل من أمر الله صفة ثانية لمعقبات وقيل المعقبات الحراس والجلاوزة حول السلطان يحفظونه فى توهمه من قضاء الله تعالى (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) من النعمة والعافية (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) من الأعمال الصالحة أو ملكاتها التى هى* فطرة الله التى فطر الناس عليها إلى أضدادها (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً) لسوء اختيارهم واستحقاقهم* لذلك (فَلا مَرَدَّ لَهُ) فلا رد له والعامل فى إذا ما دل عليه الجواب (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) يلى أمرهم* ويدفع عنهم السوء الذى أراده الله بهم بما قدمت أيديهم من تغيير ما بهم وفيه دلالة على أن تخلف مراده تعالى محال وإيذان بأنهم بما باشروه من إنكار البعث واستعجال السيئة واقتراح الآية قد غيروا ما بأنفسهم من الفطرة واستحقوا لذلك حلول غضب الله تعالى وعذابه (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) من الصاعقة (وَطَمَعاً) فى المطر فوجه تقديم الخوف على الطمع ظاهر لما أن المخوف عليه النفس أو الرزق العتيد* والمطموع فيه الرزق المترقب وقيل الخوف أيضا من المطر لكن الخائف منه غير الطامع فيه كالخزاف والحراث ويأباه الترتيب اللهم إلا أن يتكلف ما أشير إليه من أن المخوف عتيد والمطموع فيه مترقب وانتصابهما إما على المصدرية أى فتخافون خوفا وتطمعون طمعا أو على الحالية من البرق أو المخاطبين بإضمار ذوى أو بجعل المصدر بمعنى المفعول أو الفاعل مبالغة أو على العلية بتقدير المضاف أى إرادة خوف وطمع أو بتأويل الإخافة والإطماع ليتحد فاعل العلة والفعل المعلل وأما جعل المعلل هى الرؤية التى تتضمنها الإراءة على طريقة قول النابغة[وحلت بيوتى فى يفاع ممنع * تخال به راعى الحمولة طائرا] * [حذارا على أن لا ينال معاونى * ولا نسوتى حتى يمتن حرائرا] أى أحللت بيوتى حذارا فلا سبيل إليه لأن ما وقع فى معرض العلة الغائية لا سيما الخوف لا يصلح علة لرؤيتهم (وَيُنْشِئُ السَّحابَ) الغمام المنسحب فى الجو* (الثِّقالَ) بالماء وهى جمع ثقيلة وصف بها السحاب لكونها اسم جنس فى معنى الجمع والواحدة سحابة* يقال سحابة ثقيلة وسحاب ثقال كما يقال امرأة كريمة ونسوة كرام (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) أى سامعوه من العباد الراجين للمطر ملتبسين (بِحَمْدِه) أى يضجون بسبحان الله والحمد لله وإسناده إلى الرعد لحمله لهم* على ذلك أو يسبح الرعد نفسه على أن تسبيحه عبارة عن دلالته على وحدانيته تعالى وفضله المستوجب لحمده وعن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه كان يقول سبحان من يسبح الرعد بحمده وإذا اشتد يقول اللهم لا تقلتنا بغضبك ولا نهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك وعن على رضى الله عنه سبحان من سبحت له وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن اليهود سألت النبى صلىاللهعليهوسلم عن الرعد فقال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار