(كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) (٢٣)
____________________________________
(كِرامٍ) عند الله عزوجل أو متعطفين على المؤمنين يكملونهم ويستغفرون لهم (بَرَرَةٍ) اتقياء وقيل مطيعين لله تعالى من قولهم فلان يبر خالقه أى يطيعه وقيل صادقين من بر فى يمينه (قُتِلَ الْإِنْسانُ) دعاء* عليه بأشنع الدعوات وقوله تعالى (ما أَكْفَرَهُ) تعجب من إفراطه فى الكفران وبيان لاستحقاقه للدعاء عليه والمراد به إما من استغنى عن القرآن الكريم الذى ذكرت نعوته الجليلة الموجبة للإقبال عليه والإيمان به وأما الجنس باعتبار انتظامه له ولأمثاله من أفراده لا باعتبار جميع أفراده وفيه مع قصر متنه وتقارب قطريه من الأنباء عن سخط عظيم ومذمة بالغة ما لا غاية وراءه وقوله تعالى (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) شروع فى بيان إفراطه فى الكفران بتفصيل ما أفاض عليه من مبدأ فطرته إلى منتهى عمره من فنون النعم الموجبة بالشكر والطاعة مع إخلاله بذلك وفى الاستفهام عن مبدأ خلقه ثم بيانه بقوله تعالى (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ) تحقير له أى من أى شىء حقير مهين خلقه من نطفة مذرة خلقه (فَقَدَّرَهُ) فهيأه لما يصلح له ويليق به من الأعضاء والأشكال أو فقدره أطوارا إلى أن تم خلقه وقوله تعالى (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) منصوب بمضمر يفسره الظاهر أى ثم سهل مخرجه من البطن بأن فتح فم الرحم وألهمه أن ينتكس أو يسر له سبيل الخير والشر ومكنه من السلوك فيهما وتعريف السبيل باللام دون الإضافة للإشعار بعمومه (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) أى جعله ذا قبر يوارى فيه تكرمة له ولم يدعه مطروحا على وجه الأرض جرزا للسباع والطير كسائر الحيوان يقال قبر الميت إذا دفنه وأقبره إذا أمر بدفنه أو مكن منه وعد الإماتة من النعم لأنها وصلة فى الجملة إلى الحياة الأبدية والنعيم المقيم (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) أى إذا شاء إنشاره أنشره على القاعدة المستمرة فى حذف مفعول المشيئة وفى تعليق الإنشار بمشيئته تعالى إيذان بأن وقته غير متعين بل هو تابع لها وقرىء نشره (كَلَّا) ردع للإنسان