عن كل واحد منهما ، اما عن تخريبهما ، أو عن جعلهما معمورين بعد أن صارا خرابين. فهذه مطالب أربعة :
المطلوب الأول : فى كيفية تخريب هذا العالم الصغير ـ وهو موت الانسان ـ المطلوب الثانى : انه تعالى كيف يجعله معمورا بعد أن جعله خرابا. وهذا البحث هو المراد بقولنا : انه تعالى يعيده حيا عاقلا ، ويوصل إليه الثواب والعقاب.
والمطلوب الثالث : انه تعالى كيف يخرب هذا العالم الأكبر؟ أيخربه بتفريق الأجزاء ، أو بالاعدام والافناء؟
والمطلوب الرابع : أنه سبحانه وتعالى كيف يعمر العالم الأكبر بعد تخريبه؟ وهذا هو القول فى شرح أحوال القيامة ، وبيان أحوال الجنة والنار.
فهذا هو ضبط مباحث هذا الباب.
أما المطلوب الأول ـ وهو البحث عن حقيقة الموت ـ فنقول : لا شك أن هذا الجسد يموت. فمن قال : الانسان (٤) هو هذا الجسد. قال : الانسان يموت. ومن قال : الانسان شيء آخر سوى هذا الهيكل المحسوس. قال : الانسان لا يموت. فان هذه البنية وهذا الهيكل ما دام مستعدا ، لأن يكون محلا لتصرف (٥) النفس ، كانت النفس متعلقة به ، ومدبرة له ، ومتصرفة فيه. فاذا بطل عنه ذلك الاستعداد والصلاحية ، انقطع تدبير النفس له وتصرفها فيه. وهذا الترك والاعراض هو الموت.
__________________
(٤) يقصد بالانسان هنا : الروح التى هى غير روح التنفس التى يشير إليها كل أحد بلفظ «أنا» ـ
(٥) لتعلق : ا