مجرد ، ليس بجسم ولا بجسمانى. فنقول : القائلون باثبات هذه النفس : فرق ثلاث :
أحدها : الذين يقولون جملة النفوس الناطقة باقية بعد الموت. وهو قول أكثر المحققين من الحكماء.
وثانيها : الذين يقولون النفوس الناطقة تفنى عند فناء الأبدان. وهذا قول لم يقل به أحد من المحققين.
وثالثها : الذين يقولون النفوس الفاضلة تبقى. وهى التى استكملت قوتها النظرية بمعرفة الحق وقوتها العملية بعمل الخير ، وأما النفوس التى لا تكون كذلك ، فانها تفنى عند فناء الأبدان.
أما القول الأول ـ وهو أنها بأسرها باقية بعد موت البدن ـ فقد ذكرنا حجتهم.
وأما القول الثانى ـ وهو أنها تفنى عند موت البدن ـ فقد احتجوا بأن هذه النفوس ليست أزلية ، فوجب أن لا تكون أبدية.
وانما قلنا : انها ليست أزلية لوجهين :
الوجه الأولى : ان النفوس لو كانت أزلية ، لكانت اما أن تكون واحدة ، أو كثيرة. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكونها أزلية.
انما قلنا : انه يمتنع كونها واحدة ، لأنها بعد التعلق بالأبدان. ان بقيت واحدة ، كان نفسى نفسك. وبالعكس. فكل ما كان معلوما لانسان ، يجب أن يكون معلوما لكل انسان. هذا خلف. وان تعددت فهو محال. لأن هاتين النفسين اللتين هما موجودتان الآن. ان قلنا : انهما كانتا موجودتين قبل التعلق بالأبدان ، فقبل التعلق بالأبدان كانت النفوس كثيرة لا واحدة ، وان قلنا بأنهما ما كانتا موجودتين ، فهما قد حدثتا الآن فلا تكون هذه النفوس قديمة.