أما ترى رأسي حاكى لونه |
|
طرة صبح تحت أذيال الدجى |
واشتعل المبيضّ في مسودّة |
|
مثل اشتعال النار في جمر الغضا (١) |
والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة. وقوله (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء ، ولم تردني قط فيما سألتك وقوله (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) قرأ الأكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعول ، وعن الكسائي أنه سكن الياء ، كما قال الشاعر : [رجز]
كأن أيديهن في القاع القرق |
|
أيدي جوار يتعاطين الورق (٢) |
وقال الآخر : [الطويل]
فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها |
|
أو القمر الساري لألقى المقالدا (٣) |
ومنه قول أبي تمام حبيب بن أوس الطائي : [الطويل]
تغاير الشعر منه إذ سهرت له |
|
حتى ظننت قوافيه ستقتتل (٤) |
وقال مجاهد وقتادة والسدي : أراد بالموالي العصبة. وقال أبو صالح : الكلالة. وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) بتشديد الفاء بمعنى قلت عصباتي من بعدي ، وعلى القراءة الأولى وجه خوفه أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفا سيئا ، فسأل الله ولدا يكون نبيا من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه ، فأجيب في ذلك لا أنه خشي من وراثتهم له ماله ، فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدرا من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده ، وأن يأنف من وراثة عصباته له ويسأل أن يكون له ولد ليحوز ميراثه دونهم هذا وجه.
__________________
(١) البيتان في شرح مقصورة ابن دريد ص ٢ ، وتفسير البحر المحيط ٦ / ١٦٤ ، البيت الثاني فقط ، وروح المعاني للآلوسي ١٦ / ٦٠.
(٢) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٩ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٤٧ ، والدرر ١ / ١٦٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٥ ، وتاج العروس (زهق) ، (قرق) ، ولسان العرب (زهق) ، وبلا نسبة في لسان العرب (قرق) ، (ثمن) ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٦٩ ، وأمالي المرتضى ١ / ٥٦١ ، والخصائص ١ / ٣٠٦ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٢٩٤ ، ٩٧٠ ، ١٠٣٢ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ١٨٤ ، والمحتسب ١ / ١٢٦ ، ٢٨٩ ، ٢ / ٧٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٣ ، وتهذيب اللغة ١٥ / ١٠٧ ، وكتاب العين ٥ / ٢٢ ، ومجمل اللغة ٤ / ١٥٦ ، ومقاييس اللغة ٥ / ٧٥ ، وتاج العروس (ثمن)
(٣) البيت للأعشى في ديوانه ص ١١٥ ، ولسان العرب (ندى) ، وفيه «القلائد» بدل «المقالدا» وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥ / ٤١٢.
(٤) البيت في ديوان أبي تمام ص ٢٢٧.