نهر تشرب منه. وقال مجاهد : هو النهر بالسريانية. وقال سعيد بن جبير : السري النهر الصغير بالنبطية. وقال الضحاك : هو النهر الصغير بالسريانية. وقال إبراهيم النخعي : هو النهر الصغير. وقال قتادة : هو الجدول بلغة أهل الحجاز ، وقال وهب بن منبه : السري هو ربيع الماء. وقال السدي : هو النهر ، واختار هذا القول ابن جرير.
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع ، فقال الطبراني : حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا يحيى بن عبد الله البابلتي ، حدثنا أيوب بن نهيك ، سمعت عكرمة مولى ابن عباس يقول ، سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن السري الذي قال الله لمريم (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) نهر أخرجه الله لتشرب منه» وهذا حديث غريب جدا من هذا الوجه. وأيوب بن نهيك هذا هو الحبلى ، قال فيه أبو حاتم الرازي : ضعيف. وقال أبو زرعة : منكر الحديث.
وقال أبو الفتح الأزدي : متروك الحديث. وقال آخرون المراد بالسري عيسى عليهالسلام ، وبه قال الحسن والربيع بن أنس ومحمد بن عباد بن جعفر ، وهو إحدى الروايتين عن قتادة ، وقول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم والقول الأول أظهر. ولهذا قال بعده : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أي وخذي إليك بجذع النخلة. قيل : كانت يابسة ، قاله ابن عباس. وقيل : مثمرة. قال مجاهد : كانت عجوة. وقال الثوري عن أبي داود نفيع الأعمى : كانت صرفانة ، والظاهر أنها كانت شجرة ، ولكن لم تكن في إبان ثمرها ، قاله وهب بن منبه ، ولهذا امتن عليها بذلك بأن جعل عندها طعاما وشرابا فقال : (تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) أي طيبي نفسا ، ولهذا قال عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي عن عروة بن رويم ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليهالسلام ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها» وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجر شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران» هذا حديث منكر جدا ورواه أبو يعلى عن شيبان به. وقرأ بعضهم (تُساقِطْ) بتشديد السين ، وآخرون بتخفيفها. وقرأ أبو نهيك تسقط عليك رطبا جنيا وروى أبو إسحاق عن البراء أنه قرأها يسّاقط أي الجذع ، والكل متقارب.
وقوله : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) أي مهما رأيت من أحد (فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك ، لا أن المراد به القول اللفظي لئلا ينافي (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) قال أنس بن مالك في قوله : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ