فمن تركها فقد كفر» (١) وليس هذا محل بسط هذه المسألة.
وقال الأوزاعي عن موسى بن سليمان عن القاسم بن مخيمرة في قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ) قال : أي أضاعوا المواقيت ولو كان تركا كان كفرا (٢). وقال وكيع عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن والحسن بن سعد عن ابن مسعود أنه قيل له : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) [الماعون : ٥] و (عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) [المعارج : ٢٣] و (عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) [الأنعام : ٩٢] فقال ابن مسعود : على مواقيتها.
قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على الترك ، قال ذلك الكفر ، قال مسروق : لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس فيكتب من الغافلين ، وفي إفراطهن الهلكة ، وإفراطهن إضاعتهن عن وقتهن. وقال الأوزاعي عن إبراهيم بن يزيد : أن عمر بن عبد العزيز قرأ : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) ثم قال : لم تكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا الوقت ، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) قال : عند قيام الساعة وذهاب صالحي أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ينزو بعضهم على بعض في الأزقة ، وكذا روى ابن جريج عن مجاهد مثله ، وروى جابر الجعفي عن مجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح أنهم من هذه الأمة ، يعنون في آخر الزمان.
وقال ابن جرير (٣) : حدثني الحارث ، حدثنا الحسن الأشيب ، حدثنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) قال : هم في هذه الأمة يتراكبون تراكب الأنعام والحمر في الطرق ، لا يخافون الله في السماء ، ولا يستحيون من الناس في الأرض وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري ، حدثنا حيوة ، حدثنا بشير بن أبي عمرو الخولاني أن الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يكون خلف بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيا ، ثم يكون خلف يقرءون القرآن لا يعدو تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ، ومنافق وفاجر» وقال بشير : قلت للوليد : ما هؤلاء الثلاثة؟ قال : المؤمن مؤمن به ، والمنافق كافر به. والفاجر يأكل به» وهكذا رواه أحمد (٤) عن أبي عبد الرحمن المقري به.
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثني أبي ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، أنبأنا عيسى بن يونس ،
__________________
(١) أخرجه الترمذي في الإيمان باب ٩ ، والنسائي في الصلاة باب ٨ ، وابن ماجة في الإقامة باب ٧٧ ، ٧٨ ، والفتن باب ٢٣ ، وأحمد في المسند ٥ / ٣٤٦ ، ٣٥٥.
(٢) انظر تفسير الطبري ٨ / ٣٥٤.
(٣) تفسير الطبري ٨ / ٣٥٥.
(٤) المسند ٣ / ٣٨ ، ٣٩.