همام عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ، ولا يتمخطون فيها. ولا يتغوطون ، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوّة (١) ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان ، يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا» (٢) أخرجاه في الصحيحين من حديث معمر به.
وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي عن ابن إسحاق ، حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا» تفرد به أحمد من هذا الوجه. وقال الضحاك عن ابن عباس (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : مقادير الليل والنهار.
وقال ابن جرير (٤) : حدثنا علي بن سهم ، حدثنا الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد عن قول الله تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : ليس في الجنة ليل ، هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار ، ويعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وبفتح الأبواب ، وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن البصري ، وذكر أبواب الجنة فقال : أبواب يرى ظاهرها من باطنها فتكلم وتكلم فتهمهم ، انفتحي انغلقي فتفعل ، وقال قتادة في قوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) فيها ساعتان بكرة وعشي ، ليس ثم ليل ولا نهار ، وإنما هو ضوء ونور ، وقال مجاهد : ليس بكرة ولا عشي ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا.
وقال الحسن وقتادة وغيرهما : كانت العرب الأنعم فيهم من يتغدى ويتعشى ، فنزل القرآن على ما في أنفسهم من النعيم فقال تعالى : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) وقال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن هشام عن الحسن (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قال : البكور يرد على العشي ، والعشي يرد على البكور ، ليس فيها ليل. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا سليم بن منصور بن عمار ، حدثني أبي حدثني محمد بن زياد قاضي أهل شمشاط عن عبد الله بن حدير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من غداة من غدوات الجنة وكل الجنة غدوات ، إلا أنه يزف إلى ولي الله ، فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من الزعفران» قال أبو محمد : هذا حديث غريب منكر.
__________________
(١) الألوة : العود الذي يتبخر به.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب ٨ ، ومسلم في الجنة حديث ١٤ ، ١٦.
(٣) المسند ١ / ٢٦٦.
(٤) تفسير الطبري ٨ / ٣٥٨.