وقد رواه أسباط عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال : يرد الناس جميعا الصراط ، وورودهم قيامهم حول النار ، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم ، فمنهم من يمر مثل البرق ، ومنهم من يمر مثل الريح ، ومنهم من يمر مثل الطير ، ومنهم من يمر كأجود الخيل ، ومنهم من يمر كأجود الإبل ، ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى إن آخرهم مرّا رجل نوره على موضع إبهامي قدميه ، يمر فيتكفأ به الصراط ، والصراط دحض (١) مزلة عليه حسك كحسك القتاد (٢) ، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس. وذكر تمام الحديث رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا خلاد بن أسلم ، حدثنا النضر ، حدثنا إسرائيل ، أخبرنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف ، فتمر الطبقة الأولى كالبرق ، والثانية كالريح ، والثالثة كأجود الخيل ، والرابعة كأجود البهائم. ثم يمرون والملائكة يقولون : اللهم سلم سلم ، ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وقال ابن جرير (٤) : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي السليل عن غنيم بن قيس قال : ذكروا ورود النار ، فقال كعب : تمسك النار الناس كأنها متن إهالة حتى يستوي عليها أقدام الخلائق : برهم وفاجرهم ، ثم يناديها مناد : أن أمسكي أصحابك ودعي أصحابي ، قال فتخسف بكل ولي لها ، وهي أعلم بهم من الرجل بولده ، ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم. قال كعب : ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنة ، مع كل واحد منهم عمود ذو شعبتين ، يدفع به الدفع فيصرع به في النار سبعمائة ألف.
وقال الإمام أحمد (٥) : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، عن أم مبشر عن حفصة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية» قالت : فقلت أليس الله يقول : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) قالت : فسمعته يقول (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا).
وقال أحمد (٦) أيضا : حدثنا ابن إدريس ، حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيت حفصة فقال : «لا يدخل النار أحد
__________________
(١) دحض : زلق.
(٢) الحسك : الشوك ، والقتاد : شجر له شوك.
(٣) تفسير الطبري ٨ / ٣٦٥ ، ٣٦٦.
(٤) تفسير الطبري ٨ / ٣٦٥.
(٥) المسند ٦ / ٢٨٥.
(٦) المسند ٦ / ٣٦٢.