[الحديث الثاني] قال الإمام أحمد (١) أيضا : حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص ، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه ، أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي قال : ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الدجال ذات غداة ، فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل.
فقال : «غير الدجال أخوفني عليكم. فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، وإنه شاب جعد قطط عينه طافية ، وإنه يخرج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا ـ قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض؟ ـ قال : أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، يوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم» قلنا : يا رسول الله فذاك اليوم الذي هو كسنة ، أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال : «لا اقدروا له قدره» قلنا : يا رسول الله فما إسراعه في الأرض؟ قال كالغيث اشتد به الريح ، قال : فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كانت ذرى ، أمده خواصر ، وأسبغه ضروعا ، ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله ، فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ، ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ـ.
قال ـ ويأمر برجل فيقتل ، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل إليه ، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عزوجل المسيح عيسى ابن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يديه على أجنحة ملكين ، فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي ـ قال ـ فبينما هم كذلك إذ أوحى الله عزوجل إلى عيسى ابن مريم عليهالسلام أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم ، فحوّز عبادي إلى الطور ، فيبعث الله عزوجل يأجوج ومأجوج ، كما قال تعالى : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عزوجل ، فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة ، فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتا إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم.
فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عزوجل ، فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله» ، قال ابن جابر : فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال : فتطرحهم بالمهبل ، قال ابن جابر : فقلت يا أبا يزيد ، وأين المهبل؟ قال : مطلع الشمس. قال : «ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر أربعين يوما ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة ، ويقال للأرض : أنبتي ثمرك ودري بركتك ، قال : فيومئذ يأكل النفر من الرمانة فيستظلون بقحفها ، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ،
__________________
(١) المسند ٤ / ١٨١ ، ١٨٢.