وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) ورواه ابن جرير (١) هاهنا من حديث جبلة به. والأحاديث في هذا كثيرة جدا والآثار عن السلف كذلك.
وقد روى ابن جرير (٢) وابن أبي حاتم من حديث معمر عن غير واحد ، عن حميد بن هلال ، عن أبي الصيف قال : قال كعب : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج ، حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول نجيء غدا فنخرج فيعيده الله كما كان ، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله كما كان ، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله ، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه ، فيحفرون حتى يخرجوا ، فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ، ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ، ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون : قد كان هاهنا مرة ماء ، فيفر الناس منهم فلا يقوم لهم شيء ، ثم يرمون بسهامهم إلى السماء فترجع إليهم مخضبة بالدماء ، فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء ، فيدعو عليهم عيسى ابن مريم عليهالسلام ، فيقول : اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم ، فاكفناهم بما شئت.
فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف ، فيفرس رقابهم ، ويبعث الله عليهم طيرا تأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ، ويبعث الله عينا يقال لها الحياة يطهر الله الأرض وينبتها ، حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن ، وقيل : وما السكن يا كعب؟ قال : أهل البيت ، قال : فبينما الناس كذلك إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده ، قال فيبعث عيسى ابن مريم طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، بعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج الناس ، فيتسافدون كما تتسافد البهائم ، فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه متى تضع ، قال كعب : فمن قال بعد قولي هذا شيئا أو بعد علمي هذا شيئا فهو المتكلف ، وهذا من أحسن سياقات كعب الأحبار لما شهد له من صحيح الأخبار.
وقد ثبت في الحديث أن عيسى ابن مريم يحج البيت العتيق ، وقال الإمام أحمد (٣) : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عمران عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج» انفرد بإخراجه البخاري (٤) وقوله : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) يعني يوم القيامة إذا حصلت هذه الأهوال والزلازل والبلابل ، أزفت الساعة واقتربت فإذا كانت ووقعت ، قال الكافرون : (هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) [القمر : ٨] ، ولهذا قال تعالى : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي من شدة ما يشاهدونه من
__________________
(١) تفسير الطبري ٩ / ٨٥ ، ٨٦.
(٢) تفسير الطبري ٩ / ٨٦.
(٣) المسند ٣ / ٢٧ ، ٢٨.
(٤) كتاب الحج باب ٤٧.