الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : السجل كاتب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ورواه ابن جرير عن نصر بن علي الجهضمي ، كما تقدم ، ورواه ابن عدي من رواية يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال : كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كاتب يسمى السجل ، وهو قوله : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) قال : كما يطوي السجل الكتاب كذلك تطوى السماء ، ثم قال : وهو غير محفوظ.
وقال الخطيب البغدادي في تاريخه : أنبأنا أبو بكر البرقاني ، أنبأنا محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي ، أنبأنا أحمد بن الحسن الكرخي أن حمدان بن سعيد ، حدثهم عن عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : السجل كاتب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وهذا منكر جدا من حديث نافع عن ابن عمر لا يصح أصلا ، وكذلك ما تقدم عن ابن عباس من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضا ، وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه وإن كان في سنن أبي داود منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي فسح الله في عمره ونسأ في أجله ، وختم له بصالح عمله ، وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدته ولله الحمد.
وقد تصدى الإمام أبو جعفر بن جرير (١) للإنكار على هذا الحديث ، ورده أتم رد ، وقال: لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل ، وكتاب النبي صلىاللهعليهوسلم معروفون وليس فيهم أحد اسمه السجل ، وصدق رحمهالله في ذلك ، وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث ، وأما من ذكره في أسماء الصحابة ، فإنما اعتمد على هذا الحديث لا على غيره ، والله أعلم ، والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة ، قاله علي بن أبي طلحة ، والعوفي عنه ، ونص على ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد ، واختاره ابن جرير لأنه المعروف في اللغة ، فعلى هذا يكون معنى الكلام يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب ، أي على الكتاب بمعنى المكتوب ، كقوله : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) [الصافات : ١٠٣] أي على الجبين ، وله نظائر في اللغة ، والله أعلم.
وقوله : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) يعني هذا كائن لا محالة يوم يعيد الله الخلائق خلقا جديدا كما بدأهم هو القادر على إعادتهم. وذلك واجب الوقوع لأنه من جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل ، وهو القادر على ذلك ، ولهذا قال : (إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ). وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا وكيع وابن جعفر المعني قالا حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بموعظة : فقال : «إنكم محشورون إلى الله عزوجل حفاة عراة غرلا ، كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا
__________________
(١) تفسير الطبري ٩ / ٩٥.
(٢) المسند ١ / ٢٣٥.