قال : خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وغرسها وقال لها : تكلمي ، فقالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) فدخلتها الملائكة ، فقالت : طوبى لك منزل الملوك ، ثم قال : وحدثنا بشر بن آدم ، وحدثنا يونس بن عبيد الله العمري ، حدثنا عدي بن الفضل ، حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك ـ قال البزار : ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث ـ حائط الجنة لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك. فقال لها : تكلمي ، فقالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) فقالت الملائكة : طوبى لك منزل الملوك» ثم قال البزار : لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل وليس هو بالحافظ. وهو شيخ متقدم الموت.
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ثم قال لها : تكلمي ، فقالت (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ») بقية عن الحجازيين ضعيف. وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا حماد بن عيسى العبسي ، عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن ابن عباس يرفعه «لما خلق الله جنة عدن بيده ، ودلى فيها ثمارها ، وشق فيها أنهارها ، ثم نظر إليها فقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) قال : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل».
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن المثنى البزار ، حدثنا محمد بن زياد الكلبي ، حدثنا يعيش بن حسين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خلق الله جنة عدن بيده : لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ ، وحشيشها الزعفران ، ثم قال لها انطقي ، قالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) فقال الله : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل» ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر : ٩].
وقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح ، وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (خاشِعُونَ) خائفون ساكنون ، وكذا روي عن مجاهد والحسن وقتادة والزهري. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الخشوع خشوع القلب ، وكذا قال إبراهيم النخعي. وقال الحسن البصري : كان خشوعهم في قلوبهم ، فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا الجناح ، وقال محمد بن سيرين : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرفعون أبصارهم ، إلى السماء في الصلاة ، فلما نزلت هذه الآية : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم.