أحمد (١) أيضا عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن مصعب بن زهير به أطول من هذا وتفرد به.
وقال ابن جرير (٢) : حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، حدثنا محمد بن يعلى عن موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بشيء امر به نوح ابنه؟ إن نوحا عليهالسلام قال لابنه : يا بني آمرك أن تقول : سبحان الله ، فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق ، وبها يرزق الخلق» قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) إسناده فيه ضعف ، فإن الأودي ضعيف عند الأكثرين. وقال عكرمة في قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قال الأسطوانة تسبح والشجرة تسبح ـ الأسطوانة ـ السارية وقال بعض السلف : صرير الباب تسبيحه وخرير الماء تسبيحه قال الله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال : الطعام يسبح ، ويشهد لهذا القول آية السجدة في الحج ، وقال آخرون : إنما يسبح ما كان فيه روح ، يعنون من حيوان ونبات.
قال قتادة في قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قال : كل شيء فيه روح يسبح من شجر أو شيء فيه ، وقال الحسن والضحاك في قوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قالا : كل شيء فيه الروح. وقال ابن جرير (٣) : حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح وزيد بن حباب ، قالا : حدثنا جرير أبو الخطاب ، قال كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن في طعام ، فقدموا الخوان ، فقال يزيد الرقاشي : يا أبا سعيد ، يسبح هذا الخوان؟ فقال : كان يسبح مرة.
قلت : الخوان هو المائدة من الخشب ـ فكأن الحسن رحمهالله ، ذهب إلى أنه لما كان حيا فيه خضرة كان يسبح ، فلما قطع وصار خشبة يابسة انقطع تسبيحه ، وقد يستأنس لهذا القول بحديث ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مر بقبرين فقال «إنهما لعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، ثم غرز في كل قبر واحدة ، ثم قال «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» (٤) أخرجاه في الصحيحين ، قال بعض من تكلم على هذا الحديث من العلماء : إنما قال ما لم ييبسا لأنهما يسبحان ما دام فيهما خضرة ، فإذا يبسا انقطع تسبيحهما ، والله أعلم.
__________________
(١) المسند ٢ / ١٦٩ ، ١٧٠.
(٢) تفسير الطبري ٨ / ٨٤.
(٣) تفسير الطبري ٨ / ٨٤ ، ٨٥.
(٤) أخرجه بلفظ «يستنزه من البول» مسلم في الطهارة حديث ١١١ ، وأخرجه بلفظ «يستتر من بوله» البخاري في الوضوء باب ٥٥ ، والجنائز باب ٨١ ، وأخرجه بلفظ «يستبرئ من بوله» البخاري في الوضوء باب ـ