وَأَبْكاراً) (١)
ثمّ قال تعالى في ذيل السورة :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ* ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُ وا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ* وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ... الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢).
فالمقارنة التي تذكرها هذه السورة بين اثنتين من أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّهما كانتا في معرض التظاهر على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وظاهر لحن السورة أنّ الأمر خطير استدعى هذا التهديد بالقوّة الإلهية وخصوص صالح المؤمنين لا كلّ المؤمنين ، فضلا عن كلّ المسلمين ، وعن كلّ من أسلم في الظاهر ، فما هو سبب تخصيص صالح المؤمنين بمناصرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مثل هذه المواجهة ، وكأنّها كالحرب المعلنة التي نزل ـ في هذه السورة ـ الأمر الإلهي بها على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمجاهدة المنافقين كما يجاهد الكفّار سواء ، وكذا الأمر بالغلظة عليهم؟! وما هو سبب ذكر صفات من سيبدله الله بهما وتحلّان محلّهما ، وأنّهنّ مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ؛ والتبديل تعويض عن مفقود؟!
وعلى كلّ تقدير ، فإنّ هذا التهديد بالاستنفار في الآية ، الذي هو كاستنفار الحرب والقتال ، لا ينسجم مع تفسير مورد نزول الآية بأنّه بسبب إفشاء لخبر عادي ، بل مقتضى هذه الشدّة في الوعيد أنّ الخبر بمنزلة من الخطورة إلى درجة أنّه يهدّد وجود النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم!
ثمّ إنّ ذيل السورة قد أفصح فيه أنّ الزوجية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومقام الأمومة للمؤمنين ، لا يغني عنهما من الله شيئا إذا لزمتا معصية وخيانة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والائتمار عليه ، كما هو الحال في امرأتي النبيّين نوح ولوط عليهماالسلام ، وأنّ المدار في الفضيلة هو على التصديق و
__________________
(١). التحريم / ٣ ـ ٥.
(٢). التحريم / ٩ ـ ١١.