مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (١) ، وقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢) وكذا تخلّفهم عن جيش أسامة ، وكذا في صلح الحديبية ، وغيرها من الموارد.
ثمّ إنّ الآية تقيّد بقيد آخر وهو اتّباع سبيل المؤمنين ، وقد بيّنت سورة الأنفال أنّ في البدريّين ومن شهد مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الغزوة الأولى فئات ثلاث ، هي : فئة مؤمنة ، وفئة منافقة ، وفئة الّذين في قلوبهم مرض ، وهم محترفو النفاق! فلاحظ ما تقدّم.
وكذا بيّنت سورة آل عمران أنّ من شهد معركة أحد لم يكونوا متساوين في الصلاح ، بل إنّ بعضهم طالح يريد الدنيا ، ويظنّ بالله ظنّ الجاهلية ، لا يثبت بعد موت الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بل ينقلب على عقبيه ؛ كما بيّنت ذلك غيرهما من السور المتعرّضة لبقية الحروب والغزوات كما قدّمنا الإشارة إلى ذلك ، فالفئة المؤمنة المخاطبة في الموارد العديدة ـ بوصف «الهجرة» و «النصرة» كمنقبتين ، وبوصف «الهداية» وغيرها من الفضائل ـ هذه الفئة هي فئة معيّنة خاصة ، لا عامة لكلّ من أسلم في الظاهر وكان في ركب النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم في الحرب أو السلم.
ويشير إلى ذلك قوله تعالى في سورة التحريم :
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ* إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ* عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ
__________________
(١). الأحزاب / ٣٦.
(٢). النور / ٥٢.