الإيمان والعمل الصالح.
ويتطابق هذا المفاد مع ما في سورة الأحزاب من مضاعفة العذاب ضعفين على المعصية ، وإن أطعن الله ورسوله فلهنّ الأجر مرّتين ، وقد نزل القرآن بالأمر بالقرار في البيوت ، وعدم التبرّج ، وبإطاعة الله ورسوله ، علما أنّ الزوجية هي شدّة من الصحبة ، ومع ذلك فالمدار عند الله تعالى بحسب هذه السورة وبقية السور هو على الإيمان والعمل الصالح وطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ هذه الصحبة لا تغني عنهما من الله شيئا! ، فمن كلّ ذلك يتبيّن أنّ سبيل المؤمنين وصالحهم ليس هو مجموع الأمّة ، بل هو الفئة المؤمنة حقّا وواقعا.
وهؤلاء القائلون بعدالة الصحابة ـ بالمعنى الذي تقدّم شرحه ، فإنّه يضاهي الإمامة في الدين ، والعصمة والحجّيّة بذلك المعنى ، في الدائرة الضيّقة من جماعة السقيفة ، وبالخصوص في الأوّل والثاني ـ هم في الوقت نفسه يلتزمون بعدم عصمة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم المطلقة ، فيجوّزون وقوع الخطأ منه ـ والعياذ بالله ـ! ففي الوقت الذي يرفعون من مقام الأوّلين ، فهم يحطّون من مقام النبوّة ، فتراهم يقولون باجتهاد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي قوله بالظنّ ، وأنّه قد يصيب وقد يخطئ! كما إنّهم يلتزمون بمسألة أخرى ، وهي جواز اجتهاد الصحابة في عصر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في الحضور أو الغياب! ؛ نعم ، قد رفض هذا القول بعض منهم ، كأبي علي الجبّائي وابنه هاشم لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (١) (٢).
وعن ابن حزم الأندلسي في كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل ، أنّ الأنبياءعليهمالسلام غير معصومين من الخطأ ، قال تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (٣) وقوله : (فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (٤) وأنّ التوبة لا تكون إلّا من ذنب ، وهذا وقع منه عن قصد إلى خلاف ما أمر
__________________
(١). النجم / ٣.
(٢). فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت ـ المطبوع بذيل المستصفى ٢ / ٣٧٥.
(٣). طه / ١٢١.
(٤). طه / ١٢٢.