ألحن بحجّته من بعض ؛ وكان يمكن نزول الوحي بالحقّ الصريح في كلّ واقعة حتّى لا يحتاج إلى رجم بالظنّ وخوف الخطأ» (١).
ويتلخّص من كلامه :
الأوّل : جواز التقدّم بين يدي الله ورسوله في الحكم.
الثاني : أنّ بغي الناس وطغيانهم على حكم الله تعالى يسوّغ الاجتهاد من أنفسهم دون الرجوع إلى الله ورسوله ، وهو نمط من تفويض التشريع للأهواء (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) (٢) (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (٣) (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (٤) (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (٥) (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦).
الثالث : خلطه بين الموضوعات والأحكام الكلّيّة وبين الموضوع في الأمور العامّة والموضوع في الأمر الخاصّ بأحد المكلّفين ـ كما تقدّم ـ
ونجم عن هذا الالتزام عندهم ما ذكره صاحب المنار ـ في معرض كلام له عن العمل بالحديث ـ :
ـ حكم عمر بن الخطّاب على أعيان الصحابة بما يخالف بعض تلك الأحاديث ، ثمّ ما جرى عليه علماء الأمصار في القرن الأوّل والثاني من اكتفاء الواحد منهم ـ كأبي حنيفة ـ بما بلغه ووثق من الحديث وإن قلّ ، وعدم تعنّيه في جمع غيره إليه ليفهم دينه ويبيّن أحكامه ، قوى عندك ذلك الترجيح ، بل تجد الفقهاء لم يجتمعوا على تحرير الصحيح والاتّفاق على العمل به ، فهذه
__________________
(١). المستصفى ٢ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥.
(٢). المؤمنون / ٧١.
(٣). المائدة / ٤٩.
(٤). البقرة / ١٤٥.
(٥). محمّد / ١٤.
(٦). الأنعام / ١١٩.