الثالث : إنّ غاية رسالة الرسول هو طاعة أمّته له بإذن الله ، لا خلافهم عليه.
الرابع : إنّ الإيمان مشروط بتحكيم الرسول في ما يختلف فيه ، وطاعة الرسول في ما يحكم به ، مع عدم التحرّج ممّا حكم به الرسول ، ومع التسليم القلبي التامّ لذلك.
وقال تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١). وقال تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢). وقال تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٣). وقال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) (٤).
إلى غير ذلك من آيات الله العزيز ، فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموا النبيّ في ما اختلفوا فيه ، ولا يجدوا تحرّجا في نفوسهم من حكمه وقضائه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويسلّموا تسليما لقولهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم يتذرّعون بموارد من الآيات التي ظاهرها العتاب في الخطاب الإلهي للنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقضي بالبيّنات والأيمان ، وهي قد تخطئ الواقع ، أو بأخبار آحاد في تأبير النخل ونحوه في قبال الدليل القطعي ، مع إنّ لتلك الآيات الظاهرة في العتاب ، في المنسبق من دلالتها بدوا ، وجوها من المعنى ، ذهلوا عنه!
الأوّل : إن مقتضى قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥) أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مخاطب بفعل أمّته كما يخاطب الوليّ بفعل المولى عليه ، وكما يخاطب المربّي بفعل من هو تحت قيمومته وتربيته ، والرئيس يخاطب بفعل مرءوسه ، والإمام بفعل مأمومه ، إذ إنّ صلاح الرعية من مسئولية الراعي ، ومن ثمّ يسند
__________________
(١). التوبة / ٦١.
(٢). التوبة / ١٢٨.
(٣). الحشر / ٧.
(٤). آل عمران / ٣١.
(٥). هود / ١١٢.