فعلهم إلى فعله وإن كان الفعل صادر حقيقة منهم لا منه.
ومن هذا القبيل إسناد فعل الحكومة وجهاز الحكم والدولة إلى الرئيس ويخاطب به ، ومن هذا الباب قد يسند المعصوم الخطأ لنفسه كما في قول عليّ عليهالسلام في خطبة له بعد تسلّمه مقاليد الأمور والخلافة بصفّين :
فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ ، أو مشورة بعدل ، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطئ ، ولا آمن ذلك من فعلي ، إلّا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به منّي (١).
ومن هذا الباب أكثر ما يخاطب به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعاتب في لحن الخطاب ، فإنّه بالتتبّع في تلك الموارد والتدبّر مليّا يظهر أنّ الفعل الذي كان مورد الخطاب هو من فعل المسلمين خوطب به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلى هذا يشير قول الإمام الصادق عليهالسلام :
إنّ القرآن نزل بإيّاك أعني واسمعي يا جارة (٢).
كما هو الحال في أسارى بدر ، فإنّ اللازم كان على المسلمين هو الإثخان في القتل ما دامت المعركة محتدمة ، وعدم استبقاء المشركين أحياء ما دامت الحرب لم تضع أوزارها ، فكان في أخذهم الأسارى أثناء المعركة خلاف الحكم والإرادة الإلهيّة ، وكما هو الحال في مساءلة الله تعالى النبيّ عيسى عليهالسلام : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) (٣).
الثاني : إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، أي إنّه كلّما قرب الشخص من القدس الإلهي كلّما كان الحساب معه والتوقّع منه أكثر في مجال كمال الأفعال ، كما هو الحال في الموالي في العرف البشري ، فإنّ الملك يتوقّع من الوزير مستوى من الاحترام والأدب
__________________
(١). نهج البلاغة : الخطبة ٢١٤.
(٢). الكافي ٢ / ٤٦١ ح ١٤ باب النوادر.
(٣). المائدة / ١١٦ ـ ١١٧.