قال عمّي العبّاس بن عبد المطّلب لأبي طالب :
أبا طالب! لا تقبل النصف منهم |
|
وإن أنصفوا حتّى نعقّ ونظلما |
أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت |
|
صوارم في أيماننا تقطر الدما |
تركناهم لا يستحلّون بعدها |
|
لذي حرمة في سائر الناس محرما (١) |
ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة ، تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السامعين.
فدع عنك يا ابن هند من قد مالت به الرميّة! فإنّا صنائع ربّنا ، والناس بعد صنائع لنا ، لم يمنعنا قديم عزّنا ، ولا عاديّ طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ، ولستم هناك. وأنّى يكون ذلك كذلك؟! ومنّا المشكاة الزيتونة ومنكم الشجرة الملعونة ، ومنّا النبيّ ومنكم المكذّب ، ومنّا أسد الله ومنكم طريد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنّا هاشم بن عبد مناف ومنكم أميّة كلب الأحلاف ، ومنّا الطيّار في الجنّة ومنكم عدوّ الإسلام والسنّة ، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار ، ومنّا خير نساء العالمين بلا كذب ومنكم حمّالة الحطب ، في كثير ممّا لنا وعليكم.
فإسلامنا ما قد سمع وجاهليّتكم لا تدفع ، والقرآن يجمع لنا ما شذّ عنّا ، وهو قوله ـ سبحانه وتعالى ـ (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٢)
__________________
(١). أوردها ابن عساكر في تاريخه ٢٦ / ٢٨٥ وزاد عليها غيرها ، وفي تصحيفات المحدثين : ١٣٩ ذكر البيتين الأوّليين.
(٢). الأنفال / ٧٥.