وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (١) فنحن مرّة أولى بالقرابة وتارة أولى بالطاعة ؛ ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم ، وزعمت أنّي لكلّ الخلفاء حسدت ، وعلى كلّهم بغيت ، فإن يكن ذلك كذلك فليس الجناية عليك فيكون العذر إليك.
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وقلت : إن كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع .. ولعمر الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت. وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكّا في دينه ، ولا مرتابا بيقينه ، وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها ، ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها ... (٢).
فهو عليهالسلام يفضّل ذوي القربى الّذين آزروا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفادوه بأرواحهم وبكلّهم على جميع المهاجرين والأنصار ، وذلك لكونهم أولى بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رحما ، وأشدّ الناس متابعة ونصحا وطاعة ونصرة له ، كما تشير إليه الآيتان اللتان استشهد عليهالسلام بهما ، ومن ثمّ قدّم القرآن ذوي القربى مصرّحا في آية الفيء بقوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَ ...).
وكذلك في آية الخمس ، قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى
__________________
(١). آل عمران / ٦٨.
(٢). نهج البلاغة : الكتاب ٥٩ ، وقد ذكر للكتاب ولبعض ما ورد فيه مصادر أخرى عديدة من كتب الفريقين. وهو برقم ٢٨ في الطبعة المعروفة.