فها هو عليهالسلام بعد أن بيّن أفضلية أهل البيت عليهمالسلام على سائر قريش يذكر ضابطة الهجرة والمهاجر ، وهي معرفة الشخص الذي هو حجّة الله في أرضه ، وهي الضابطة نفسها المتقدّمة في كلام الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام بأنّ الهجرة إنّما هي بالهجرة إليهم ، إلى أهل البيتعليهمالسلام ، لا الابتعاد عنهم ، فالهجرة إلى المدينة ـ إضافة لكونها مقام النبيّ وآله صلوات الله عليهم ـ هي هجرة إلى نور الله تعالى ومصابيح هدايته ، وهو محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته من بعده ، وإنّ الهجرة تكليف شرعي باق ببقاء الشريعة ؛ لأنّ معرفة حجّة الله تعالى في أرضه مفتاح أبواب الشريعة.
وهذا خلاف ما يزعمه أهل سنّة الجماعة من أنّ لا هجرة بعد الفتح ، وسنشير في ما يأتي إلى دلالة الآيات على بقاء الهجرة والنصرة ، وملازمة ذلك ؛ لكون مدار الهجرة والنصرة هو : الهجرة إلى أهل البيت عليهمالسلام ومناصرتهم ، لا الهجرة إلى بقعة من الأرض معينة مقدّسة ، وهي المدينة المنوّرة ، والتي تقدّست بوجود النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم ، بخلاف الضابطة التي يذكرها أهل سنّة الجماعة من أنّها الانتقال الجسماني من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة ، كسفر بدني ، وقد انتهى ومضى.
وقال عليهالسلام في خطبته المعروفة بالطالوتية :
ألا إنّ مثل آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كمثل نجوم السماء ، إذا هوى منهم نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون. فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها!!! وبؤسا لهذه الأمّة الجائرة في قصدها ، الراغبة عن رشدها ، لا يقتصّون أثر نبيّ ، ولا يقتدون بعمل وصيّ ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفّون عن عيب ، يعملون في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم ، كأنّ كلّ امرئ منهم إمام نفسه ، قد أخذ منها في ما يرى بعرى ثقات ، وأسباب محكمات ؛ فلا يزالون بجور ، لا يألون قصدا ،